الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 17 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( قال الكافرون إن هذا لساحر مبين ( 2 ) )

قال أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك .

فقرأته عامة قراء أهل المدينة والبصرة : ( إن هذا لسحر مبين ) ، بمعنى : إن هذا الذي جئتنا به - يعنون القرآن - لسحر مبين .

وقرأ ذلك مسروق وسعيد بن جبير ، وجماعة من قراء الكوفيين : ( إن هذا لساحر مبين ) .

وقد بينت فيما مضى من نظائر ذلك : أن كل موصوف بصفة ، يدل الموصوف على صفته ، وصفته عليه .

والقارئ مخير في القراءة في ذلك ، وذلك نظير هذا الحرف : ( قال الكافرون إن هذا لسحر مبين ) ، و " لساحر مبين " .

وذلك أنهم إنما وصفوه بأنه " ساحر " ووصفهم ما جاءهم به أنه " سحر " يدل على أنهم قد وصفوه بالسحر . وإذ كان ذلك كذلك ، فسواء بأي ذلك قرأ القارئ ، لاتفاق معنى القراءتين .

وفي الكلام محذوف ، استغني بدلالة ما ذكر عما ترك ذكره ، وهو : " فلما بشرهم وأنذرهم وتلا عليهم الوحي " قال الكافرون : إن هذا الذي جاءنا به لسحر مبين .

قال أبو جعفر : فتأويل الكلام إذا : أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى [ ص: 18 ] رجل منهم : أن أنذر الناس ، وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ؟ فلما أتاهم بوحي الله وتلاه عليهم ، قال المنكرون توحيد الله ورسالة رسوله : إن هذا الذي جاءنا به محمد لسحر مبين أي : يبين لكم عنه أنه مبطل فيما يدعيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية