الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3504 (42) باب

                                                                                              في رجلين يقتل أحدهما الآخر

                                                                                              كلاهما يدخل الجنة ، وفيمن قتل كافرا

                                                                                              [ 1357 ] عن أبي هريرة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " يضحك الله عز وجل إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدخل الجنة. قال: يقاتل هذا في سبيل الله فيستشهد، ثم يتوب الله على القاتل فيسلم، فيقاتل في سبيل الله فيستشهد" .

                                                                                              رواه البخاري (2826)، ومسلم (1890) (128) والنسائي ( 6 \ 39)، وابن ماجه (191).

                                                                                              [ ص: 724 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 724 ] (42) ومن باب: رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة

                                                                                              قوله : ( يضحك الله إلى رجلين ) ; قد تقدم الكلام في الإيمان على الضحك المنسوب إلى الله تعالى ، وأنه عبارة عن الرضا بالمضحوك منه ، وإكرامه ، والإقبال عليه . ويحتمل أن يكون من باب حذف المضاف ; أي : يضحك رسول الله وملائكته ممن ذكر عند قبض أرواحهم . والله تعالى أعلم .

                                                                                              وقوله : ( لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبدا ) ; ظاهر هذا : أن المسلم إذا [ ص: 725 ] قتل الكافر لم يدخل النار بوجه من الوجوه . ولم يقيده في هذا الطريق بقيد ; لكن قال في الرواية الأخرى : (ثم سدد ) ، وقد استشكل بعض الرواة هذا اللفظ . وجهة الإشكال : أن مآل السداد هو الاستقامة على الطريقة من غير زيغ ، ومن كان هذا حاله لا يدخل النار ; قتل كافرا أو لم يقتله . وسلك في الانفصال عن هذا الإشكال أن حمل (سدد) على (أسلم) ، بمعنى : أن القاتل كان كافرا ، ثم أسلم ، وصرفه للحديث الآخر ; الذي قال فيه : (يضحك الله لرجلين) .

                                                                                              قلت : وهذا الإشكال إنما وقع لهذا القائل من حيث فسر السداد بما ذكر ، والذي يظهر لي : أنه ليس المراد بالسداد هنا ما ذكر ; بل بعض ما ذكر ، وهو أن يسدد حاله في التخلص من حقوق الآدميين ; التي تقدم الكلام عليها في قوله -صلى الله عليه وسلم- : (القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدين) ، فإذا لم تكفر الشهادة الدين كان أبعد أن يكفره قتل الكافر . ويحتمل أن يقال : سدد بدوام الإسلام حتى الموت . أو باجتناب الموبقات التي لا تغفر إلا بالتوبة ، كما تقدم في الطهارة . والله تعالى أعلم .




                                                                                              الخدمات العلمية