الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( ومنها ) أن يكون مما يمكن أن يضبط قدره وصفته بالوصف على وجه لا يبقى بعد الوصف إلا تفاوت يسير ، فإن كان مما لا يمكن ويبقى بعد الوصف تفاوت فاحش لا يجوز السلم فيه ; لأنه إذا لم يمكن ضبط قدره وصفته بالوصف يبقى مجهول القدر أو الوصف جهالة فاحشة مفضية إلى المنازعة وإنها مفسدة للعقد ، وبيان ذلك أنه يجوز السلم في المكيلات ، والموزونات التي تحتمل التعيين والعدديات المتقاربة ، أما المكيلات والموزونات ; فلأنها ممكنة الضبط قدرا وصفة على وجه لا يبقى بعد الوصف بينه وبين جنسه ونوعه إلا تفاوت يسير ; لأنها من ذوات الأمثال ، وكذلك العدديات المتقاربة من الجوز والبيض ; لأن الجهالة فيها يسيرة لا تفضي إلى المنازعة ، وصغير الجوز والبيض وكبيرهما سواء ; لأنه لا يجري التنازع في ذلك القدر من التفاوت بين الناس عادة فكان ملحقا بالعدم فيجوز السلم فيها عددا وكذلك كيلا ، وهذا عندنا ، وقال زفر : لا يجوز .

                                                                                                                                ( وجه ) قوله : إن الجوز والبيض مما يختلف ويتفاوت في الصغر والكبر حتى يشترى الكبير منها بأكثر مما يشترى الصغير فأشبه البطيخ ، والرمان .

                                                                                                                                ( ولنا ) أن التفاوت بين صغير الجوز وكبيره يسير أعرض الناس عن اعتباره فكان ساقط العبرة ولهذا كان مضمونا بالمثل عند الإتلاف ، بخلاف الرمان والبطيخ فإن التفاوت بين آحاده تفاوت فاحش ولهذا كان مضمونا بالقيمة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية