الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 483 ] ص ( فصل الخيار إن لم يسبق العلم أو لم يرض أو لم يتلذذ )

                                                                                                                            ش : أي : يثبت الخيار لكل واحد من الزوجين لعيب صاحبه ولو كان به ذلك العيب أو غيره كما صرح به الرجراجي قال : وإن كانت العيوب بهما جميعا فاطلع كل واحد على عيب صاحبه كان من جنس عيب صاحبه أو مخالفا له كان لكل واحد منهما القيام بما اطلع عليه ويظهر به انتهى . وانظر قوله ويظهر به لعله ويطلق به ، وقال في التوضيح : وإن كانا معيبين بجنسين فقال بعض أهل النظر : لكل واحد منهما الخيار عبد الحميد وغيره وهو الصواب .

                                                                                                                            وإن كانا بجنس واحد ففيه نظر ، قاله غير واحد انتهى . وعليه اقتصر في الشامل " والله أعلم " وإنما يكون للصحيح منهما الخيار إن لم يسبق له العلم بعيب صاحبه قبل عقده أو حينه قاله في الشامل ، وإن سبق فلا خيار له لدخوله على ذلك .

                                                                                                                            وإن عقد ولم يسبق له العلم ثم علم فله الخيار ما لم يكن صاحبه من نفسه أو ما لم يرض بصريح القول .

                                                                                                                            وإن عقد أو ما لم يتلذذ بصاحبه ( وفي بعض النسخ بإسقاط لم اكتفاء بالعطف ) ، وعلم من حل النكاح أن التلذذ لا يسقط الخيار إلا بعد العلم وهو كذلك قاله في النوادر ، وإن بنى قبل أن يعلم فلما علم أمسك فهو مخير انتهى . وسيقول المصنف : ومع الرد قبل البناء إلخ .

                                                                                                                            وهذا ظاهر وإنما نبهنا عليه ; لأنه قد يتبادر من عبارة المصنف ( ومع الرد قبل البناء ) أن أحد الأمور كاف في إسقاط الخيار وليس كذلك لما علمت ، وكأنه حاول أن يحاذي كلام ابن الحاجب فلم توف العبارة بما قصد قال ابن الحاجب : فالعيب : الجنون والجذام والبرص وداء الفرج ما لم يرض بقول أو تلذذ أو تمكين أو سبق علم بالعيب .

                                                                                                                            قال ابن عبد السلام وفي كلام المصنف إشارة إلى حصر دلائل الرضا فيما ذكر ; لأن السليم من الزوجين إما أن يكون عالما بالعيب قبل العقد أم لا ، فالأول : هو مراده بقوله ( أو سبق علم بالعيب ) والثاني : وهو الذي ما علم إلا بعد العقد إما أن يعلم رضاه بقول أو فعل أو لا قول ولا فعل وهو الترك والقول ظاهر والفعل لا بد أن يكون بينه وبين الرضا به ارتباط وهو التلذذ والترك يستحيل أن يكون تركا مطلقا ; لأن مثل هذا لا دلالة فيه على شيء فلا بد أن يكون تركا مضافا وهو التمكين من التلذذ انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن عرفة : وعيب أحد الزوجين جاهلا به الآخر ولا يرضى به يوجب خياره والتصريح بالرضا واضح ودليله مثله أبو عمر تلذذه بها عالما به رضا وفيها تمكينها إياه عالمة بعيبه رضا .

                                                                                                                            ( قلت ) وتقدم دليل اختيار من أسلم على عشر يدل عليه وفي الطلاق والإيلاء نظر ، ودليل اختيار الأمة في الخيار مما يتأتى منه في الزوجة رضا منه انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية