الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكذلك الاجتماع عند قبر من القبور لقراءة ختمة أو دعاء أو ذكر أو عمل سماع أو غير ذلك هو من البدع المنهي عنها؟ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تتخذوا قبري عيدا"، رواه أهل السنن كأبي داود وغيره .

فإذا كان قد نهي عن اتخاذ قبره عيدا، فقبر غيره أولى بالنهي عن ذلك. والمكان الذي يتخذ عيدا هو أن يعتاد الناس للاجتماع فيه في وقت معين، كما يعتادون الاجتماع فيه بعرفة ومزدلفة ومنى، وكذلك الزمان الذي يتخذ عيدا هو الزمان الذي يعتادون الاجتماع فيه، كيومي الفطر والنحر.

والمشركون الذين كفرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقاتلهم واستباح دماءهم وأموالهم من العرب لم يكونوا يقولون: إن آلهتهم شاركت الله في خلق السماوات والأرض والعالم، بل كانوا يقرون بأن الله وحده خالق السماوات والأرض والعالم، كما قال الله تعالى: ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن ، وقال تعالى: قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله الآيات إلى قوله تسحرون وقد قال تعالى: وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون . [ ص: 151 ]

قال طائفة من السلف: يسألهم من خلق السماوات والأرض؟ فيقولون: الله، وهم يعبدون غيره. وإنما كانت عبادتهم إياهم أنهم يدعونهم ويتخذونهم وسائط ووسائل وشفعاء لهم، فمن سلك هذا السبيل فهو مشرك بحسب ما فيه من الشرك.

وهذا الشرك إذا قامت على الإنسان الحجة فيه ولم ينته، وجب قتله كقتل أمثاله من المشركين، ولم يدفن في مقابر المسلمين، ولم يصل عليه. وأما إذا كان جاهلا لم يبلغه العلم، ولم يعرف حقيقة الشرك الذي قاتل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - المشركين، فإنه لا يحكم بكفره، ولاسيما وقد كثر هذا الشرك في المنتسبين إلى الإسلام، ومن اعتقد مثل هذا قربة وطاعة فإنه ضال باتفاق المسلمين، وهو بعد قيام الحجة كافر.

والواجب على المسلمين عموما وعلى ولاة الأمور خصوصا النهي عن هذه الأمور، والزجر عنها بكل طريق، وعقوبة من لم ينته عن ذلك العقوبة الشرعية، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية