الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يغسل جواريه رجليه ويعطينه الخمرة وهن حيض

                                                                                                          وسئل مالك عن رجل له نسوة وجواري هل يطؤهن جميعا قبل أن يغتسل فقال لا بأس بأن يصيب الرجل جاريتيه قبل أن يغتسل فأما النساء الحرائر فيكره أن يصيب الرجل المرأة الحرة في يوم الأخرى فأما أن يصيب الجارية ثم يصيب الأخرى وهو جنب فلا بأس بذلك

                                                                                                          وسئل مالك عن رجل جنب وضع له ماء يغتسل به فسها فأدخل أصبعه فيه ليعرف حر الماء من برده قال مالك إن لم يكن أصاب أصبعه أذى فلا أرى ذلك ينجس عليه الماء

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          121 119 - ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يغسل جواريه رجليه ) قال سحنون : كان يفعل ذلك في الوضوء .

                                                                                                          وفي العتبية عن أشهب : سئل مالك ألا يخاف ابن عمر أنه لمس ؟ قال : لا ، ما كان يفعل ذلك إلا لشغل أو ضعف يعني فلم يقصد اللذة ولم يجدها فليس بلمس ناقض .

                                                                                                          ( ويعطينه الخمرة ) بضم الخاء المعجمة وسكون الميم قال الطبري : مصلى صغير يعمل من سعف النخل سمي بذلك لسترها الوجه والكفين من حر الأرض وبردها فإن كانت كبيرة سميت حصيرا ، وكذا قال الأزهري وصاحبه أبو عبيد الهروي وجماعة بعدهم ، وزاد في النهاية : ولا يكون خمرة إلا في هذا المقدار ، وسميت خمرة لأن خيوطها مستورة بسعفها .

                                                                                                          وقال الخطابي : هي السجادة التي يسجد عليها المصلي ، سميت خمرة لأنها تغطي الوجه ، قال : وحديث ابن عباس في الفأرة التي جرت الفتيلة حتى ألقتها على الخمرة التي كان - صلى الله عليه وسلم - قاعدا عليها صريح في إطلاقها على ما زاد على قدر الوجه .

                                                                                                          ( وهن حيض ) بضم الحاء وشد الياء جمع حائض لأن عرقها وكل عضو منها لا نجاسة فيه طاهر .

                                                                                                          وفي مسلم عن أبي هريرة : " بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد قال : " يا عائشة ناوليني الثوب " فقالت إني حائض فقال : " إن حيضتك ليست في يدك فناولته " .

                                                                                                          وقول البوني : قوله وهن حيض خلاف قوله : ما لم تكن حائضا ، فهو اختلاف قول من ابن عمر أخذها لاختلاف الموضوع ، فالأول : كره الاغتسال بفضل اغتسال الحائض ، وهذا الثاني إنما كان الحيض يغسلن رجليه بغير فضل اغتسالهن .

                                                                                                          ( وسئل مالك عن رجل له نسوة وجواري هل يطأهن جميعا [ ص: 217 ] قبل أن يغتسل ؟ فقال : لا بأس ) أي يجوز ( بأن يصيب الرجل جاريتيه ) أو جواريه ( قبل أن يغتسل ) ولكن يغسل فرجه استحبابا قبل الوطء الثاني .

                                                                                                          ( فأما النساء الحرائر فيكره أن يصيب الرجل المرأة الحرة في يوم الأخرى ) كراهة تحريم إلا أن تأذن ، وحديث طوافه - صلى الله عليه وسلم - على نسائه في غسل واحد خاص به إذ لا يجب عليه القسم على مشهور المذهب ، وإن كان يفعله تكرما ، أو أبحن له ذلك أو فعله حين قدم من سفر ونحوه في يوم ليس لواحدة معينة ثم دار عليهن بالقسم على وجوب القسم عليه كغيره .

                                                                                                          ( فأما أن يصيب الجارية ثم يصيب الأخرى وهو جنب فلا بأس بذلك ) ولكن يستحب له غسل ذكره قبل العود حملا لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ " .

                                                                                                          أخرجه مسلم وأصحاب السنن .

                                                                                                          زاد ابن حبان : " فإنه أنشط للعود على غسل الفرج " لقوله في رواية أخرى : " فليغسل فرجه " أي لأن فيه تقوية العضو وإتمام اللذة وغير ذلك ، وسواء عاد للموطوءة الأولى أو غيرها على ظاهر النص خلافا لمن قال : يجب غسل الذكر إن وطيء غير الأولى لئلا يدخل فيها نجاسة غيرها .

                                                                                                          ( وسئل مالك عن رجل جنب وضع له ماء يغتسل به فسها فأدخل أصبعه فيه ليعرف حر الماء من برده ، قال مالك : إن لم يكن أصاب أصبعه أذى فلا أرى ) أعتقد ( ذلك ينجس عليه الماء ) بل هو طهور باتفاق ، وإن كان أصابه أذى والماء كثير لم يتغير فكذلك ، فإن قل وكان لا يتغير بوضع أصبعه فكذلك على المذهب ، فإن كان يتغير بوضع أصبعه احتال فيما يتناول به الماء لغسله فإن لم يمكنه تركه وتيمم كعادم الماء .




                                                                                                          الخدمات العلمية