الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وفيها ما تشتهيه الأنفس أخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثهم وذكر الجنة فقال : والذي نفسي بيده ليأخذن أحدكم اللقمة فيجعلها في فيه ثم يخطر على باله طعام آخر فيتحول الطعام الذي في فيه على الذي اشتهى . ثم قرأ : وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 233 ] وأخرج ابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" عن ابن عباس قال : الرمانة من رمان الجنة يجتمع عليها بشر كثير يأكلون منها فإن جرى على ذكر أحدهم شيء وجده في موضع يده حيث يأكل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار، وابن المنذر ، والبيهقي في "البعث" عن ابن مسعود قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر بين يديك مشويا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا عن ميمونة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الرجل ليشتهي الطير في الجنة فيجيء مثل البختي حتى يقع على خوانه لم يصبه دخان ولم تمسه نار فيأكل منه حتى يشبع ثم يطير .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : إن أخس أهل الجنة منزلا له سبعون ألف خادم مع كل خادم صحفة من [ ص: 234 ] ذهب لو نزل به أهل الأرض جميعهم لأوصلهم لا يستعين عليهم بشيء من عند غيره، وذلك في قول الله وفيها ما تشتهيه الأنفس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس أنه سئل : في الجنة ولد؟ قال : إن شاءوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، وهناد والدارمي، وعبد بن حميد، والترمذي وحسنه، وابن ماجه، وابن المنذر ، وابن حبان، والبيهقي في "البعث"، عن أبي سعيد الخدري قال : قلنا يا رسول الله إن الولد من قرة العين وتمام السرور فهل يولد لأهل الجنة؟ فقال : إن المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة كما يشتهي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن عبد الرحمن بن سابط قال : قال رجل : يا رسول الله، أفي الجنة خيل فإني أحب الخيل؟ قال : إن يدخلك الله [ ص: 235 ] الجنة فلا تشاء أن تركب فرسا من ياقوتة حمراء تطير بك في أي الجنة شئت إلا فعلت . فقال الأعرابي : أفي الجنة إبل فإني أحب الإبل؟ فقال : يا أعرابي، إن أدخلك الله الجنة أصبت فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي، وابن مردويه، عن بريدة قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هل في الجنة خيل فإنها تعجبني؟ قال : إن أحببت ذلك أتيت بفرس من ياقوتة حمراء فتطير بك في الجنة حيث شئت . فقال له رجل : إن الإبل تعجبني فهل في الجنة من إبل؟ فقال : يا عبد الله إن أدخلت الجنة فلك فيها ما تشتهي نفسك ولذت عينك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن كثير بن مرة الحضرمي قال : إن السحابة لتمر بأهل الجنة فتقول : ما أمطركم؟

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة، عن ابن سابط قال : إن الرسول يجيء إلى الشجرة من شجر الجنة فيقول : إن ربي يأمرك أن تفتقي لهذا ما شاء فإن الرسول ليجيء إلى الرجل من أهل الجنة فينشر عليه الحلة فيقول : قد رأيت الحلل، فما رأيت مثل هذه .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 236 ] وأخرج ابن أبي شيبة، عن عمرو بن قيس قال : إن الرجل من أهل الجنة يشتهي الثمرة فتجيء حتى تسيل في فيه وإنها في أصلها في الشجرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ في "العظمة" عن عبد الرحمن بن سابط قال : إن الرجل من أهل الجنة ليزوج خمسمائة حوراء وأربعمائة بكر وثمانية آلاف ثيب ما منهن واحدة إلا يعانقها عمر الدنيا كلها لا يأجم واحد منهما من صاحبه وإنه لتوضع مائدته فما تنقضي منها نهمته عمر الدنيا كلها وإنه ليأتيه الملك بتحية من ربه وبين أصبعيه مائة أو سبعون حلة فيقول : ما أتاني من ربي شيء أعجب إلي من هذه . فيقول : أيعجبك هذا؟ فيقول : نعم . فيقول الملك : لأدنى شجرة بالجنة : يا شجرة تكوني لفلان من هذا ما اشتهت نفسه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن أبي ظبية السلفي قال : إن الشرب من أهل الجنة لتظلهم السحابة فتقول : ما أمطركم؟ فما يدعو داع من القوم بشيء إلا [ ص: 237 ] أمطرتهم حتى إن القائل منهم ليقول : أمطرينا كواعب أترابا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية