الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أبو يزيد القراطيسي ، ثنا حجاج بن إبراهيم . وحدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن أبي سهل ، ثنا عبد الله بن محمد العبسي ، قالا : ثنا مروان بن معاوية ، عن محمد بن سوقة ، قال : أتيت نعيم بن أبي هند [ ص: 238 ] فأخرج إلي صحيفة فإذا فيها : من أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل إلى عمر بن الخطاب ، سلام عليك . أما بعد ، فإنا عهدناك وأمر نفسك لك مهم . فأصبحت قد وليت أمر هذه الأمة ، أحمرها وأسودها ، يجلس بين يديك الشريف والوضيع والعدو والصديق ، ولكل حصته من العدل ، فانظر كيف أنت عند ذلك يا عمر فإنا نحذرك يوما تعني فيه الوجوه وتجف فيه القلوب وتنقطع فيه الحجج لحجة ملك قهرهم بجبروته . فالخلق داخرون له يرجون رحمته ويخافون عقابه . وإنا كنا نحدث أن أمر هذه الأمة سيرجع في آخر زمانها إلى أن يكونوا إخوان العلانية أعداء السريرة ، وإنا نعوذ بالله أن ينزل كتابنا إليك سوى المنزل الذي نزل من قلوبنا ، فإنما كتبنا به نصيحة لك ، والسلام عليك .

              فكتب إليهما عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : من عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة ومعاذ ، سلام عليكما ، أما بعد ، أتاني كتابكما تذكران أنكما عهدتماني وأمر نفسي لي مهم ، فأصبحت قد وليت أمر هذه الأمة أحمرها وأسودها ، يجلس بين يدي الشريف والوضيع والعدو والصديق ، ولكل حصته من العدل . وكتبتما : فانظر كيف أنت عند ذلك يا عمر ، وإنه لا حول ولا قوة لعمر عند ذلك إلا بالله عز وجل .

              وكتبتما تحذراني ما حذرت منه الأمم قبلنا ، وقديما كان اختلاف الليل والنهار بآجال الناس يقربان كل بعيد ، ويبليان كل جديد ، يأتيان بكل موعود ، حتى يصير الناس إلى منازلهم من الجنة والنار ، وكتبتما تحذراني أن أمر هذه الأمة سيرجع في آخر زمانها إلى أن يكونوا إخوان العلانية أعداء السريرة ، ولستم بأولئك وليس هذا بزمان ذلك ، وذلك زمان تظهر فيه الرغبة والرهبة ، تكون رغبة الناس بعضهم إلى بعض لصلاح دنياهم . وكتبتما تعوذاني بالله أن أنزل كتابكما سوى المنزل الذي نزل من قلوبكما ، وأنكما كتبتما به نصيحة لي ، وقد صدقتما ، فلا تدعا الكتاب إلي فإنه لا غنى بي عنكما ، والسلام عليكما .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية