الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " والمضامين ما في أصلاب الفحول ، والملاقيح ما في بطون الإناث " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح . روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع المضامين والملاقيح . وفيه تأويلان : أحدهما : أن المضامين ما في بطون الإناث ، والملاقيح ما في أصلاب الفحول ، وهذا قول طائفة .

                                                                                                                                            والثاني : ما قال الشافعي ، قال المزني : وأنشد ابن هشام لصحة قول الشافعي قول الشاعر :


                                                                                                                                            إن المضامين التي في الصلب ماء الفحول في الظهور الحدب


                                                                                                                                            ليس بمغن عنك جهد الكرب

                                                                                                                                            وأنشد أيضا :


                                                                                                                                            منيتني ملاقحا في الأبطن     تنتج ما يلقح بعد أزمن

                                                                                                                                            فإذا ثبت هذا . فبيع الملاقيح والمضامين باطل لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه .

                                                                                                                                            ونهيه عن بيع المجر وهو الحمل ، ولنهيه عن بيع الغرر ، وفيه غرر ، فإن قيل : فإذا كانت هذه البياعات التي نهى عنها غررا دخلت في نهيه عن بيع الغرر ، فهلا اكتفى بذلك النهي عن تخصيص هذه بالنهي ؟ قلنا : إنما فعل ذلك تأكيدا ، ولأن هذه بياعات قد كانت مألوفة لهم فخصها بالنهي ، وإن دخلت في جملة نهيه عن بيع الغرر : لأن لا يجعلوا العادة المألوفة منهم في هذه البيوع مخصصة لعموم النهي عن بيع الغرر ، فكان تخصيصها بالنهي أوكد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية