الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان : الشيخ الصالح المعمر رئيس المؤذنين بجامع دمشق ، برهان الدين إبراهيم بن محمد بن أحمد بن محمد الواني ، ولد سنة ثلاث وأربعين وستمائة ، وسمع الحديث وروى ، وكان حسن الصوت والشكل ، محببا إلى العوام ، توفي يوم الخميس سادس صفر ، ودفن بباب الصغير ، وقام من بعده في الرياسة ولده أمين الدين محمد الواني ، المحدث المفيد ، وتوفي بعده ببضع وأربعين يوما ، رحمهما الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الكاتب المطبق المجود المحرر ، بهاء الدين محمود بن خطيب بعلبك محيي الدين محمد بن عبد الرحيم بن عبد الوهاب السلمي ، ولد سنة ثمان وثمانين وستمائة ، واعتنى بهذه الصناعة فبرع فيها ، وتقدم على أهل زمانه قاطبة في النسخ وبقية الأقلام ، وكان حسن الشكل ، طيب الأخلاق ، طيب الصوت ، [ ص: 378 ] حسن التودد ، توفي في سلخ ربيع الأول ، ودفن بتربة الشيخ أبي عمر ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      علاء الدين السنجاري - واقف دار القرآن عند باب الناطفانيين شمالي الأموي بدمشق - علي بن إسماعيل بن محمود ، كان أحد التجار الصدق الأخيار ذوي اليسار ، المسارعين إلى الخيرات ، توفي بالقاهرة ليلة الخميس ثالث عشر جمادى الآخرة ، ودفن عند قبر القاضي شمس الدين بن الحريري .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      العدل نجم الدين التاجر عبد الرحيم بن أبي القاسم عبد الرحمن الرحبي ، باني التربة المشهورة بالمزة ، وقد جعل فيها مسجدا ، وأوقف عليها أوقافا دارة ، وصدقات هناك ، وكان من خيار أبناء جنسه ، عدل مرضي عند جميع الحكام ، وترك أولادا وأموالا جمة ، ودارا هائلة ، وبساتين بالمزة ، وكانت وفاته يوم الأربعاء سابع عشرين جمادى الآخرة ، ودفن بتربته المذكورة بالمزة ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ الإمام الحافظ قطب الدين أبو محمد عبد الكريم بن عبد النور بن منير بن عبد الكريم بن علي بن عبد الحق بن عبد الصمد بن عبد النور ، الحلبي الأصل ، ثم المصري ، أحد مشاهير المحدثين بها ، والقائمين بحفظ الحديث ، وروايته ، وتدوينه ، وشرحه ، والكلام عليه ، ولد سنة أربع وستين وستمائة بحلب ، [ ص: 379 ] وقرأ القرآن بالروايات ، وسمع الحديث ، وقرأ " الشاطبية " و " الألفية " ، وبرع في فن الحديث ، وكان حنفي المذهب ، وكتب كثيرا ، وصنف شرحا لأكثر " البخاري " ، وجمع تاريخا لمصر ، ولم يكملهما ، وتكلم على السيرة التي جمعها الحافظ عبد الغني ، وخرج لنفسه أربعين حديثا متباينة الإسناد ، وكان حسن الأخلاق ، مطرحا للكلفة ، طاهر اللسان ، كثير المطالعة والاشتغال ، إلى أن توفي يوم الأحد سلخ رجب ، ودفن من الغد مستهل شعبان عند خاله نصر المنبجي ، وخلف تسعة أولاد ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      القاضي الإمام زين الدين أبو محمد عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف السبكي ، قاضي المحلة ، ووالد العلامة قاضي القضاة تقي الدين السبكي الشافعي ، سمع من ابن الأنماطي ، وابن خطيب المزة ، وحدث ، وكانت وفاته في تاسع شعبان ، وتبعته زوجته ناصرية بنت القاضي جمال الدين إبراهيم بن الحسين السبكي ، ودفنت بالقرافة ، وقد سمعت من ابن الصابوني شيئا من " سنن النسائي " ، وكذلك ابنتها محمدية ، وقد توفيت قبلها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      تاج الدين علي بن إبراهيم بن عبد الكريم المصري ، ويعرف بكاتب [ ص: 380 ] قطلوبك ، وهو والد العلامة فخر الدين شيخ الفقهاء الشافعية ومدرسهم في عدة مدارس ، ووالده هذا لم يزل في الخدمة والكتابة إلى أن توفي عنده بالعادلية الصغيرة ليلة الثلاثاء ثالث عشرين شعبان ، وصلي عليه من الغد بالجامع ، ودفن بباب الصغير ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ الصالح عبد الكافي ، ويعرف بعبيد بن أبي الرجال بن حسين بن سلطان بن خليفة المنيني ، ويعرف بابن أبي الأزرق ، مولده في سنة أربع وأربعين وستمائة بقرية من بلاد بعلبك ، ثم أقام بقرية منين ، وكان مشهورا بالصلاح ، وقرئ عليه شيء من الحديث ، وجاوز التسعين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ محمد بن عبد الحق بن شعبان بن علي الأنصاري ، المعروف بالشياخ ، له زاوية بسفح قاسيون بالوادي الشمالي ، مشهورة به ، وكان قد بلغ التسعين ، وسمع الحديث وأسمعه ، كانت له معرفة بالأمور ، وعنده بعض مكاشفة ، وهو رجل حسن ، توفي أواخر شوال من هذه السنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأمير سلطان العرب حسام الدين مهنا بن عيسى بن مهنا ، أمير العرب بالشام ، وهم يزعمون أنهم من سلالة جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي ، من ذرية الولد الذي جاء من العباسة أخت الرشيد ، فالله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 381 ] وقد كان كبير القدر ، محترما عند الملوك كلهم بالشام ومصر والعراق ، وكان دينا خيرا ، متحريا للحق ، وخلف أولادا وورثة وأموالا كثيرة ، وقد بلغ سنا عالية ، وكان يحب الشيخ تقي الدين ابن تيمية حبا زائدا ، هو وذريته وعربه ، وله عندهم منزلة وحرمة وإكرام ، يسمعون قوله ويمتثلونه ، وهو الذي نهاهم أن يغير بعضهم على بعض ، وعرفهم أن ذلك حرام ، وله في ذلك مصنف جليل ، وكان وفاة مهنا هذا ببلاد سلمية في ثامن عشر ذي القعدة ، ودفن هناك ، رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ الصالح الزاهد فضل بن عيسى بن قنديل العجلوني الحنبلي ، المقيم بالمسمارية ، أصله من بلاد خيران ، كان متقللا من الدنيا ، يلبس ثيابا طوالا ، وعمامة هائلة وهي بأرخص الأثمان ، وكان يعرف تعبير الرؤيا ، ويقصد لذلك ، وكان لا يقبل من أحد شيئا ، وقد عرضت عليه وظائف بجوامك كثيرة وأموال كثيرة فلم يقبلها ، ويرضى بالرغيد الهني من العيش الحسن ، إلى أن توفي في ذي الحجة ، وله نحو تسعين سنة ، ودفن بالقرب من قبر الشيخ تقي الدين ابن تيمية ، رحمهما الله ، وكانت جنازته حافلة جدا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية