الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 64 ] 28181 - قال مالك : الأمر عندنا ، فيمن ابتاع رقيقا في صفقة واحدة ، فوجد في ذلك الرقيق عبدا مسروقا ، أو وجد بعبد منهم عيبا ، إنه ينظر فيما وجد مسروقا ، أو وجد به عيبا فإن كان هو وجه ذلك الرقيق ، أو أكثره ثمنا ، أو من أجله اشترى وهو الذي فيه الفضل فيما يرى الناس ، كان ذلك البيع مردودا كله ، وإن كان الذي وجد مسروقا ، أو وجد به العيب من ذلك الرقيق في الشيء اليسير منه ، ليس هو وجه ذلك الرقيق ، ولا من أجله اشتري ، ولا فيه الفضل فيما يرى الناس ، رد ذلك الذي وجد به العيب ، أو وجد مسروقا بعينه ، بقدر قيمته من الثمن الذي اشترى به أولئك الرقيق .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        28182 - قال أبو عمر : قد اختلف العلماء في هذه المسألة قديما وحديثا : 28183 - فكان شريح ، والشعبي ، والقاسم بن عبد الرحمن ، وحماد بن أبي سليمان يذهبون إلى أنه لا يرد المعيب وحده ، وأنه مخير في أن يحبس الصفقة كلها ، أو يردها كلها .

                                                                                                                        28184 - وبه قال أبو ثور .

                                                                                                                        [ ص: 65 ] 28185 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه إلا زفر : إذا اشترى عبدين صفقة واحدة ، فلم يقبضهما أو واحدا منهما حتى وجد عيبا بأحدهما ، فإما أن يردهما ، أو يأخذهما ، فإن قبضها ، ووجد عيبا رد المعيب بحصته ، ولو كان المبيع صبرة طعام ، أو تمر ، أو ما أشبه ذلك ، رد الجميع إذا وجد عيبا ، أو حبس الجميع ; لأن نظره إلى شيء من الطعام يجزئه ، ولا بد في العبيد ، أو الثياب من تغليب كل عبد ، وكل ثوب .

                                                                                                                        28186 - وهو قول الحسن بن صالح .

                                                                                                                        28187 - وقال زفر : الرقيق ، والثياب يرد العيب بحصته قبل القبض وبعده .

                                                                                                                        28188 - وهو قول الثوري .

                                                                                                                        28189 - وروي ذلك عن ابن سيرين ، وابن شبرمة ، والحارث العكلي ، ولم يفرقوا بين قبل القبض ، وبعده ، فإن كان المبيع شيئين ، لا يقوم إحداهما إلا بالآخر كالخفين والنعلين ، أو مصراعي الباب ، فوجد بأحدهما عيبا ، لم يختلفوا أنه لا يرده وحده ، ويردهما جميعا ، أو يمسكهما جميعا .

                                                                                                                        28190 - وقال الأوزاعي في العبدين ، أو الثوبين ، أو الدابتين ، وما كان مثل ذلك : إن سمى لكل واحد ثمنا رد المعيب خاصة ، وإن لم يسم لكل واحد ثمنا ، وجعل جملة الثمن لجملة الصفقة ، فإن له أن يرد الجميع ، أو يرضى الجميع .

                                                                                                                        28191 - ومن مثال ذلك عنده أن يشتري عشرة أثواب صفقة واحدة بعشرة دنانير ، ثم يجد بأحدهما عيبا ، يرد من مثله ، فإنه يرد البيع كله .

                                                                                                                        [ ص: 66 ] 28192 - وإن قال : أبيعك هذه العشرة الأثواب بعشرة دنانير ، كل ثوب منها بدينار فإنه يرد المعيب خاصة .

                                                                                                                        28193 - وقال عبيد الله بن الحسن : يرد المعيب خاصة ، كقول الثوري ، والحارث العكلي .

                                                                                                                        28194 - وعن الشافعي روايتان : 28195 - ( إحداهما ) : يرد المعيب بحصته .

                                                                                                                        28196 - ( والأخرى ) : يردهما جميعا ، أو يمسك .

                                                                                                                        28197 - وحكى أصحابه أن له في تفريق الصفقة ثلاثة أقوال : 28198 - ( أحدهما ) : يبطل البيع في الكل إذا رد أحدها .

                                                                                                                        28199 - ( والآخر ) : أنه يبطل في قدر المبيع ، أو في قدر ما يرد ، ويصح في الباقي بحصته .

                                                                                                                        28200 - ( والثالث ) : أن لا يرد شيئا ، والبيع صحيح ، ولا تفرق الصفقة ، ولكن يرد الجميع أو يمسك وبالله التوفيق .




                                                                                                                        الخدمات العلمية