الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والوفاء بالتزويج إذا أعتق عليه وصداقها ، [ ص: 358 ] وهل ولو ببيع سلطان لفلس أو لا ولكن لا يرجع به من الثمن ؟ تأويلان .

التالي السابق


( و ) إن أعتق السيد أمته على شرط أن تتزوجه أو أعتقت السيدة عبدها على شرط أن يتزوجها سقط عن العبد والأمة ، أي لا يلزمه ( الوفاء بالتزويج ) بسيدته الذي اشترطته عليه قبل عتقه فرضي به أو بسيدها كذلك ( إذا أعتق ) العبد أو الأمة ( عليه ) أي التزويج إذ طوع الرقيق كره ، وكذا من أعتق أمة على أن تنكح فلانا غيره أو من أعطى سيدها مالا على أن يعتقها ويزوجها له فأعتقها فهي حرة ، ولها أن لا تتزوجه ، ولزم المال الدافع فلا يرجع به على المعتق أفاده ابن عرفة ( و ) سقط نصف ( صداقها ) [ ص: 358 ] أي الأمة عن زوجها ببيعها له قبل بنائه بها وإن كان قبضه السيد رده لأن الفسخ من قبله قاله فيها .

( وهل ) يسقط الصداق عن الزوج ( ولو ببيع سلطان ) الأمة لزوجها قبل بنائه بها ( لفلس ) للسيد وكبيع السلطان بيع غيره ( أو لا ) يسقط ببيعها لزوجها لفلس لأن تحريم الأمة على زوجها وفسخ إنكاحها لم يتعمده السيد ولم يحصل بفعله ، ولما أوهم الحكم بسقوطه ببيع السلطان لفلس السيد رجوع الزوج به من الثمن أو محاصة الغرماء به وليس كذلك ، استدرك عليه لرفع هذا فقال ( ولكن لا يرجع ) الزوج المشتري زوجته من السلطان لفلس سيدها ( به ) أي الصداق على البائع إن كان دفعه له مقاصصا له به ( من الثمن ) الذي اشترى به زوجته الأمة ولا يحاصص به غرماءه فيه ويتبع به ذمة السيد بمنزلة دين تجدد على السيد بعد تفليسه قاله ابن عرفة ، ونحوه لأبي الحسن ، فالمنفي عند الموفق إنما هو الرجوع به في الثمن بحيث يكون أحق به من الغرماء ، أو يكون فيه أسوة الغرماء يحاصصهم فيه بدينه لأن فسخ النكاح بعد البيع كأنه دين طرأ أفاده المواق وابن عاشر ، فهو استدراك على قوله ولو ببيع سلطان لفلس ، فلعل مخرج المبيضة أخره عن محله ، فمعنى سقوطه عنه ببيعها له من السلطان لفلس السيد اتباعه ذمة سيدها به لا حبسه من الثمن .

وأما على عدم سقوطه عنه بذلك المشار له بقوله أو لا فإنه يدفعه مع الثمن إن لم يكن دفعه ولا يتبع به ذمة السيد بحال فيه ( تأويلان ) لكلام العتبية لا لكلام المدونة فهما على خلاف اصطلاح المصنف ، وذلك أنه قال في المدونة من تزوج أمة ثم ابتاعها من سيدها قبل البناء فلا صداق لها ، وإن قبضه السيد رده لأن الفسخ من قبله . وفي العتبية سمع أبو زيد بن القاسم من قبض مهر أمته فباعها السلطان في فلسه من زوجها قبل بنائه فلا يرجع زوجها بمهرها على ربها لأن السلطان هو الذي باعها منه ، فاختلف هل ما في الكتابين خلاف ، [ ص: 359 ] وهو تأويل أبي عمران ، ورأى أن بيع السلطان وصف طردي ، وضعف ما في العتبية أو وفاق ، وأن معنى قول ابن القاسم في العتبية لا يرجع به النفي المقيد أي لا يرجع به الآن من الثمن ، وليس مراده أنه لا يرجع به مطلقا ، وهذا تأويل بعضهم ، فقوله ولو ببيع سلطان إشارة للوفاق ، وقوله ولكن لا يرجع به من الثمن هو وجه الوفاق ، وقوله أو لا إشارة للخلاف ، أي أو لا يسقط ببيع السلطان للفلس فلا يرجع به مطلقا لا من الثمن ولا من غيره قرره الشارح وتت .




الخدمات العلمية