الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5297 44 - حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك، عن أبي حازم بن دينار، عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء فقال الغلام: والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحدا، قال: فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "أتأذن لي" وإسماعيل هو ابن أبي أويس، وأبو حازم بالحاء المهملة وبالزاي واسمه سلمة بن دينار، وسهل بن سعد بن مالك الساعدي الأنصاري.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في المظالم في باب إذا أذن له أو أحله فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف، عن مالك إلى آخره نحوه سواء، ومضى أيضا في الهبة عن يحيى بن قزعة وقتيبة، وقد مر الكلام فيه في باب المظالم.

                                                                                                                                                                                  قوله: "غلام" الأصح أنه كان عبد الله بن عباس، والأشياخ خالد بن الوليد وغيره.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أتأذن لي" فإن قلت: لم يقل في حديث أنس "أتأذن لي"؟

                                                                                                                                                                                  قلت: أجاب النووي وغيره بأن السبب فيه أن الغلام كان ابن عمه، وله عليه إدلال، وكان من اليسار أقارب الغلام أيضا، [ ص: 196 ] وطيب نفسه مع ذلك بالاستئذان لبيان الحكم، وأن السنة تقديم الأيمن ولو كان مفضولا بالنسبة إلى من على اليسار.

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: قد يعارض حديث سهل هذا وحديث أنس الذي مضى عن قريب حديث سهل بن أبي خيثمة الآتي في القسامة "كبر كبر" وتقدم في الطهارة حديث ابن عمر في الأمر بمناولة السواك الأكبر، وأخص من هذا حديث ابن عباس الذي أخرجه أبو يعلى بسند قوي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سقى قال: ابدءوا بالأكبر

                                                                                                                                                                                  قلت: الجواب في هذا أنه محمول على الحالة التي يجلسون فيها متساويين، إما بين يدي الكبير، أو عن يساره كلهم، أو خلفه، أو حيث لا يكون فيهم، فيخص هذه الصورة من عموم تقديم الأيمن، أو يخص من عموم هذا الأثر بالبداءة بالكبير ما إذا جلس بعض عن يمين الرئيس، وبعض عن يساره، ففي هذه الصورة يقدم الصغير على الكبير، والمفضول على الفاضل، ويظهر من هذا أن الأيمن ما امتاز بمجرد الجلوس في الجهة اليمنى، بل لحصول كونها يمين الرئيس، فالفضل إنما فاض عليه من الأفضل.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أتأذن لي" ظاهره أنه لو أذن له لأعطاهم، ويؤخذ من ذلك جواز الإيثار بمثل ذلك.

                                                                                                                                                                                  قيل: إنه مشكل على ما اشتهر من أنه لا إيثار بالقرب، وإنما الإيثار المحمود ما كان من حظوظ النفس دون الطاعات، وقد اقتصر القاضي في النقل عن العلماء على كراهة الإيثار بالقرب بخلاف ما يتوهمه كثير من الناس أنه يحرم الإيثار بالقرب.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فتله" بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد اللام" أي: وضعه وقال الخطابي: وضعه بعنف، وأصله من الرمي على التل وهو المكان العالي المرتفع، ثم استعمل في كل شيء يرمى به وفي كل إلقاء.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية