الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الثالث : في مسقطاتها

                                                                                                                وهي ثلاثة : التغرير بالنفس أو العرض أو المال ، واختلف في خروج العروس ، قال سند : قال مالك : لا يتخلف عن الجمعة والجماعات ، وقيل : يتخلف ، قال ابن رشد : وهي جهالة عظيمة - كما قال مالك ، وغلطة غير خافية ، وقال مالك : يتخلف لتمريض من يتعلق به ، وتجهيز جنازته ، وخوف الغريم مع الإعسار ، والمطر العظيم ، وقال ابن حبيب : يتخلف الأعمى إذا لم يجد من يقوده بخلاف المجذم ، وليس للسلطان منعه في الجمعة خاصة ، ولا يخالط الناس في بقية الصلوات ، وقال ابن سحنون : لا يخالطوهم في الجمعة ، ولا تسقط بشدة الحر والبرد ، ولا بصلاة العيد - إذا كانا في يوم ، خلافا لابن حنبل محتجا بما في أبي داود : أنه - عليه السلام - قال : " قد اجتمع في يومكم عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة - وإنا مجمعون " . لنا آية وجوب السعي ، ولأنه عمل الأنصار في سائر الأقطار ، وأما الخارج عن المصر ففي الكتاب لا [ ص: 356 ] يتخلفون ، وروي عنه يتخلفون لإذن عثمان - رضي الله عنه - لأهل العوالي ، ولما في انتظارهم رجوعهم من المشقة ، قال المازري : قال مالك : ليس على الشيخ الفاني ولا المريض جمعة ، قال اللخمي : الذين تسقط عنهم الجمعة إذا حضروها ثلاثة أقسام : قسم تجب عليهم وبهم وعلى غيرهم - وهم أرباب الأعذار : الرجال الأحرار فتكمل بهم الجملة ، وقسم لا تجب عليهم ولا بهم وهم الصبيان ، وقسم لا تجب عليهم وقال ابن القاسم وسحنون : لا تجب بهم على غيرهم خلافا لأشهب - وهم المسافرون والعبيد ; ونقل أبو الطاهر قولا بعدم إجزائها للمسافرين .

                                                                                                                فروع ثلاثة :

                                                                                                                الأول في الكتاب : إسقاطها عمن بعرفة ومنى ، وعلل بأن الحال في تلك المواطن مسافر - وأهلها نزر يسير ، ولا تعقد بهم الجمعة ، وناظر أبو يوسف مالكا عند الرشيد ، فقال : صلى النبي يوم - عرفة ركعتين - والجمعة ركعتان ، فقال مالك : هل جهر أم أسر ؟ فسكت أبو يوسف .

                                                                                                                الثاني : يجوز إنشاء عذر السفر إجماعا ، قال سند : وروى ابن القاسم كراهته قبل الزوال ، وقاله ( ش ) وابن حنبل ; إلا أن يكون جهادا . وروي عن مالك لا بأس به ، وقاله ( ح ) ، ويحرم بعد الزوال عند مالك ، و ( ش ) ، وقال ابن [ ص: 357 ] حنبل : إلا أن يكون في الجهاد ، وجوزه ( ح ) قياسا على سائر الصلوات ; فإن خرج قبل الزوال ولم يؤذن حتى تجاوز ثلاثة أميال تمادى ، وإلا فظاهر المذهب الرجوع .

                                                                                                                الثالث : إذا ورد إلى بلده وطمع في إدراك الجمعة ; فلا يصلي الظهر ; فإن صلاها في مسافة لا يجب فيها السعي أجزأه ، وإن كانت تجب منها فإن لم يدرك الجمعة ; فالظاهر الإجزاء نظرا إلى حالة الإيقاع - وهي حالة سفر ; وإن أدرك قال الباجي : إن كان عالما بذلك لم يجزه ، فإن صلى على قرب من مصر معتقدا أنه لا يدرك الجمعة ثم أدركها ، قال مالك : يصليها ، وقال أشهب : الأولى صحيحة ، ويعيد جمعة - ويكل أمرها إلى الله تعالى ، وإذا قلنا بصحة الأولى ، فعند عبد الملك تجب عليه الجمعة ، وعند سحنون تكره ، وعند أشهب إن كان صلى فذا استحب له وإلا كره .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية