الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                890 وحدثنا عمرو الناقد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا هشام عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى العواتق والحيض وذوات الخدور فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين قلت يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب قال لتلبسها أختها من جلبابها

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قولها : ( وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين ) هو بفتح الهمزة والميم في ( أمر ) فيه منع الحيض من المصلى واختلف أصحابنا في هذا المنع فقال الجمهور : هو منع تنزيه لا تحريم ، وسببه الصيانة والاحتراز من مقارنة النساء للرجال من غير حاجة ولا صلاة ، وإنما لم يحرم لأنه ليس مسجدا . وحكى أبو الفرج الدارمي من أصحابنا عن بعض أصحابنا أنه قال : يحرم المكث في المصلى على الحائض كما يحرم مكثها في المسجد لأنه موضع للصلاة فأشبه المسجد . والصواب الأول .

                                                                                                                قولها : في الحيض ( يكبرن مع النساء ) فيه جواز ذكر الله تعالى للحائض والجنب ، وإنما يحرم عليها القرآن .

                                                                                                                وقولها : ( يكبرن مع الناس ) دليل على استحباب التكبير لكل أحد في العيدين ، وهو مجمع عليه قال أصحابنا : يستحب التكبير ليلتي العيدين وحال الخروج إلى الصلاة . قال القاضي : التكبير في العيدين أربعة مواطن في السعي إلى الصلاة إلى حين يخرج الإمام ، والتكبير في الصلاة ، وفي الخطبة ، وبعد الصلاة . أما الأول فاختلفوا فيه فاستحبه جماعة من الصحابة والسلف فكانوا يكبرون إذا خرجوا حتى يبلغوا المصلى يرفعون أصواتهم . وقال الأوزاعي ومالك والشافعي وزاد استحبابه ليلة العيدين . وقال أبو حنيفة : يكبر في الخروج للأضحى دون الفطر ، وخالفه أصحابه فقالوا بقول الجمهور . وأما التكبير بتكبير الإمام في الخطبة فمالك يراه ، وغيره يأباه . وأما التكبير للشروع في أول صلاة العيد فقال الشافعي هو سبع في الأولى غير تكبيرة الإحرام ، وخمس في الثانية غير تكبيرة القيام . وقال مالك وأحمد وأبو ثور كذلك ، لكن سبع في الأولى إحداهن تكبيرة الإحرام . وقال الثوري وأبو حنيفة ، خمس في الأولى وأربع في الثانية بتكبيرة الإحرام والقيام . وجمهور العلماء يرى هذه [ ص: 486 ] التكبيرات متوالية متصلة وقال عطاء والشافعي وأحمد : يستحب بين كل تكبيرتين ذكر الله تعالى ، وروي هذا أيضا عن ابن مسعود رضي الله عنه . وأما التكبير بعد الصلاة في عيد الأضحى فاختلف علماء السلف ومن بعدهم فيه على نحو عشرة مذاهب : هل ابتداؤه من صبح يوم عرفة أو ظهره ، أو صبح يوم النحر أو ظهره ، وهل انتهاؤه في ظهر يوم النحر أو ظهر أول أيام النفر ، أو في صبح أيام التشريق أو ظهره أو عصره ؟ واختار مالك والشافعي وجماعة ابتداءه من ظهر يوم النحر وانتهاءه صبح آخر أيام التشريق ، وللشافعي قول العصر من آخر أيام التشريق . وقول إنه من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق ، وهو الراجح عند جماعة من أصحابنا ، وعليه العمل في الأمصار .

                                                                                                                قولها : ( ويشهدن الخير ودعوة المسلمين ) فيه استحباب حضور مجامع الخير ودعاء المسلمين وحلق الذكر والعلم ونحو ذلك .

                                                                                                                فقوله : ( لا يكون لها جلباب ) قال النضر بن شميل هو ثوب أقصر وأعرض من الخمار وهي المقنعة تغطي به المرأة رأسها وقيل : هو ثوب واسع دون الرداء تغطي به صدرها ، وظهرها ، وقيل : هو كالملاءة والملحفة ، وقيل : هو الإزار ، وقيل : الخمار .

                                                                                                                قوله : - صلى الله عليه وسلم - ( لتلبسها أختها من جلبابها ) الصحيح أن معناه لتلبسها جلبابا لا تحتاج إليه عارية . وفيه الحث على حضور العيد لكل أحد ، وعلى المواساة والتعاون على البر والتقوى .




                                                                                                                الخدمات العلمية