الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ترجمة باب جيرون المشهور بدمشق

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الذي كان هلاكه وذهابه وكسره في هذه السنة ، وهو باب شرقي جامع دمشق ، لم ير باب أوسع ولا أعلى منه فيما يعرف من الأبنية في الدنيا ، وله غلقان من نحاس أصفر بمسامير من نحاس أصفر أيضا بارزة ، من عجائب الدنيا ومحاسن دمشق ومعالمها ، وقد تم بناؤها ، وقد ذكرته العرب في أشعارها والناس ، وهو منسوب إلى ملك يقال له : جيرون بن سعد بن عاد بن عوص [ ص: 540 ] بن إرم بن سام بن نوح ، وهو الذي بناه ، وكان بناؤه له قبل الخليل عليه السلام ، بل قبل ثمود وهود أيضا ، على ما ذكره الحافظ ابن عساكر في " تاريخه " وغيره ، وكان فوقه حصن عظيم ، وقصر منيف ، ويقال : بل هو منسوب إلى اسم المارد الذي بناه لسليمان عليه السلام ، وكان اسم ذلك المارد جيرون . والأول أظهر وأشهر ، فعلى الأول يكون لهذا الباب من المدد المتطاولة ما يقارب خمسة آلاف سنة ، ثم كان انجعاف هذا الباب لا من تلقاء نفسه ، بل بالأيدي العادية عليه; بسبب ما ناله من شوظ حريق اتصل إليه من حريق وقع إلى جانبه في صبيحة ليلة الاثنين السادس عشر من صفر ، سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة ، فتبادر ديوان الجامع ففرقوا شمله ، وقضموا ثمله ، وعروا جلده النحاس عن بدنه الذي هو من خشب الصنوبر الذي كأن الصانع قد فرغ منه يومئذ ، وقد شاهدت الفئوس تعمل فيه ولا تكاد تحيل فيه إلا بمشقة ، فسبحان الذي خلق الذين بنوه أولا ، ثم قدر أهل هذا الزمان على أن هدموه آخرا بعد هذه المدد المتطاولة ، والأمم المتداولة ، ولكن : لكل أجل كتاب [ الرعد : 38 ] [ ص: 541 ] ولا إله إلا رب العباد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية