الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5368 15 - حدثنا صدقة بن الفضل، أخبرنا ابن عيينة قال: سمعت الزهري، عن عبيد الله، عن أم قيس بنت محصن قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: عليكم بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية يستعط به من العذرة ويلد به من ذات الجنب، ودخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بابن لي لم يأكل الطعام فبال عليه، فدعا بماء فرش عليه.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة. وابن عيينة هو سفيان، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأم قيس بنت محصن الأسدية -أسد خزيمة- كانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهي أخت عكاشة.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا عن أبي اليمان، عن شعيب، وعن محمد بن عتاب. وأخرجه مسلم في الطب أيضا عن يحيى بن يحيى وآخرين. وأخرجه أبو داود فيه عن مسدد وغيره. وأخرجه النسائي فيه عن قتيبة بن سعيد وغيره.

                                                                                                                                                                                  قوله: "عليكم" أي: افعلوه وهو اسم للفعل بمعنى خذوا، ويستعمل بالباء وبغيرها يقال: عليك بزيد وعليك زيدا.

                                                                                                                                                                                  قوله: "العود الهندي" خشب يؤتى به من بلاد الهند طيب الرائحة قابض، فيه مرارة يسيرة، وقشره كأنه جلد موشى، ويصلح إذا مضغ، أو يمضمض بطبيخه لطيب النكهة، وإذا شرب منه قدر مثقال نفع من لزوجة المعدة وضعفها وسكون لهيبها، وإذا شرب بالماء نفع من وجع الكبد ووجع الجنب وقرحة الأمعاء والمغص، وأجود العود المندلي، ثم الهندي. قال الشافعي: الهندي يفضل على المندلي بأنه لا يولد القمل، والعود على أنواع: الهندي أفضل من الكل؛ فلذلك خصه النبي صلى الله عليه وسلم بالذكر.

                                                                                                                                                                                  قوله: "سبعة أشفية" بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وكسر الفاء وفتح الياء آخر الحروف جمع شفاء كأدوية جمع دواء، وقال ابن العربي: ذكر صلى الله تعالى عليه وسلم سبعة أشفية في القسط فسمى منها اثنين ووكل باقيها إلى طلب المعرفة أو الشهرة فيها، وقد عدد الأطباء فيها عدة منافع.

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: إذا كان فيه كثرة المنافع فما وجه تخصيصها بسبع؟

                                                                                                                                                                                  قلت: تعيين السبعة؛ لما أنه صلى الله تعالى عليه وسلم علمها بالوحي وتحققها، وأما غيرها من المنافع فقد علمت بالتجربة، فذكر ما علمه بالوحي دون غيره. أو نقول: إنما فصل منها ما دعت الحاجة إليه، وسكت عن غيره كأنه لم يبعث لبيان تفاصيل الطب ولا ليعلم صنعته، وقد ذكر الأطباء من منافع القسط أنه يدر الطمث والبول، ويقتل ديدان الأمعاء، ويدفع السم وحمى الربع والورد، ويسخن المعدة، ويحرك شهوة الجماع، ويذهب الكلف طلاء.

                                                                                                                                                                                  قوله: "من العذرة" بضم العين المهملة وسكون الذال المعجمة وهو وجع في الحلق يهيج من الدم، وقيل: هي قرحة تخرج بين الأنف والحلق تعرض للصبيان عند طلوع العذرة، وهي خمس كواكب تحت الشعرى العبور ويطلع وسط الحر. وفي المحكم العذرة نجم إذا طلع اشتد الحر، والعذرة والعاذور داء في الحلق، ورجل معذور أصابه ذلك، وقال ابن التين: هو وجع في الحلق من الدم، وذلك الموضع يسمى عذرة وهو قريب من اللهاة، واللهاة هي اللحمة الحمراء التي في آخر الفم وأول الحلق، وعادة النساء في علاجها أن تأخذ المرأة خرقة فتفتلها فتلا شديدا وتدخلها في أنف الصبي وتطعن ذلك الموضع [ ص: 240 ] فينفجر منه دم أسود وربما أقرحته، وذلك الطعن يسمى دغرا، ومعنى قوله في الحديث: "تدغرن أولادكن" أنها تغمز حلق الصبي بإصبعها فترفع ذلك الموضع وتكبسه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "ويلد به" على صيغة المجهول" أي: بالقسط يقال: لد الرجل فهو ملدود، واللدود بفتح اللام ما يصب في أحد جانبي الفم.

                                                                                                                                                                                  قوله: "من ذات الجنب" هو ورم في الغشاء المستبطن للأضلاع. وقال الترمذي: ذات الجنب بالضم.

                                                                                                                                                                                  قوله: "السل" وفي البارع هو الذي يطول مرضه، وعن النضر هو الدبيلة وهي قرحة تثقب البطن، وقيل: هي الشوصة وفي المنتهى الجناب بالضم داء في الجنب.

                                                                                                                                                                                  قوله: "ودخلت على النبي صلى الله عليه وسلم" إلى آخره قد مر في كتاب الطهارة في باب بول الصبيان، حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أم قيس بنت محصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه ولم يغسله. وقد مر الكلام فيه هناك.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية