الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 72 ] ذكر ذرية نوح عليه السلام

قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى : وجعلنا ذريته هم الباقين ، إنهم سام ، وحام ، ويافث وقال وهب بن منبه : إن سام بن نوح أبو العرب ، وفارس ، والروم ، وإن حاما أبو السودان ، وإن يافث أبو الترك ويأجوج ومأجوج . وقيل إن القبط من ولد قوط بن حام ، وإنما كان السواد من نسل حام لأن نوحا نام فانكشفت سوءته فرآها حام فلم يغطها ورآها سام ويافث فألقيا عليها ثوبا ، فلما استيقظ علم ما صنع حام ، وإخوته فدعا عليهم .

قال ابن إسحاق : فكانت امرأة سام بن نوح صلب ابنة بتاويل بن محويل بن حانوخ بن قين بن آدم فولدت له نفرا : أرفخشذ ، وأسود ، ولاود ، وإرم . قال : ولا أدري أإرم لأم أرفخشذ وإخوته أم لا ؟ فمن ولد لاود بن سام فارس ، وجرجان ، وطسم ، وعمليق ، وهو أبو العماليق ، ومنهم كانت الجبابرة بالشام الذين يقال لهم الكنعانيون ، والفراعنة بمصر ، وكان أهل البحرين ، وعمان منهم ويسمون جاشم . وكان منهم بنو أميم بن لاود أهل وبار بأرض الرمل ، وهي بين اليمامة والشحر ، وكانوا قد كثروا فأصابتهم نقمة من الله من معصية أصابوها فهلكوا وبقيت منهم بقية ، وهم الذين يقال لهم النسناس ، وكان طسم ساكني اليمامة إلى البحرين ، فكانت طسم ، والعماليق [ ص: 73 ] وأميم ، وجاشم قوما عربا لسانهم عربي ، ولحقت عبيل بيثرب قبل أن تبنى . ولحقت العماليق بصنعاء قبل أن تسمى صنعاء . وانحدر بعضهم إلى يثرب فأخرجوا منها عبيلا فنزلوا موضع الجحفة ، فأقبل سيل فاجتحفهم ، أي أهلكهم ، فسميت الجحفة .

قال : وولد إرم بن سام عوضا وغاثرا وحويلا ، فولد عوض غاثرا ، وعادا ، وعبيلا ، وولد غاثر بن إرم ثمود وجديسا ، وكانوا عربا يتكلمون بهذا اللسان المضري . وكانت العرب تقول لهذه الأمم ولجرهم العرب العاربة . ويقولون لبني إسماعيل العرب المعربة ، لأنهم إنما تكلموا بلسان هذه الأمم حين سكنوا بين أظهرهم . فكانت عاد بهذا الرمل إلى حضرموت . وكانت ثمود بالحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى . ولحقت جديس بطسم ، وكانوا معهم باليمامة إلى البحرين ، واسم اليمامة إذ ذاك جو . وسكنت جاشم عمان .

والنبط من ولد نبيط بن ماش بن إرم بن سام . والفرس بنو فارس بن تيرش بن ماسور بن سام .

قال : وولد لأرفخشذ بن سام ابنه قينان ، كان ساحرا ، وولد لقينان شالخ بن أرفخشذ من غير ذكر قينان لما ذكر من سحره . وولد لشالخ غابر ، ولغابر فالغ ، ومعناه القاسم ، لأن الأرض قسمت والألسن تبلبلت في أيامه ، وقحطان بن غابر ، فولد لقحطان يعرب ويقظان ، فنزلا اليمن ، وكان أول من سكن اليمن ، وأول من سلم عليه بـ أبيت اللعن . وولد لفالغ بن غابر أرغو ، وولد لأرغو ساروغ ، وولد لساروغ ناخور ، وولد [ ص: 74 ] لناخور تارخ ، واسمه بالعربية آزر . وولد لآزر إبراهيم ، عليه السلام . وولد لأرفخشذ أيضا نمرود ، وقيل هو نمرود بن كوش بن حام بن نوح .

قال هشام بن الكلبي : السند ، والهند بنو توقير بن يقطن بن غابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح ، وجرهم من ولد يقطن بن غابر . وحضرموت بن يقطن ، ويقطن هو قحطان في قول من نسبه إلى غير إسماعيل .

والبربر من ولد ثميلا بن مارب بن فاران بن عمرو بن عمليق بن لاود بن سام بن نوح ، ما خلا صنهاجة وكتامة ، فإنهما بنو فريقش بن صيفي بن سبإ .

وأما يافث فمن ولده جامر ، وموعع ، ومورك ، وبوان ، وفوبا ، وماشج ، وتيرش ، فمن ولد جامر ملوك فارس في قول ، ومن ولد تيرش الترك ، والخزر ، ومن ولد ماشج الأشبان ، ومن ولد موعع يأجوج ومأجوج ، ومن ولد بوان الصقالبة وبرجان . والأشبان كانوا في القديم بأرض الروم قبل أن يقع بها من وقع من ولد العيص بن إسحاق وغيرهم . وقصد كل فريق من هؤلاء الثلاثة سام ، وحام ، ويافث أرضا فسكنوها ودفعوا غيرهم عنها .

ومن ولد يافث الروم ، وهم بنو لنطى بن يونان بن يافث بن نوح .

وأما حام فولد له كوش ، ومصرايم ، وقوط ، وكنعان ، فمن ولد كوش نمرود بن كوش ، [ ص: 75 ] وقيل : هو من ولد سام ، وصارت بقية ولد حام بالسواحل من النوبة ، والحبشة ، والزنج ، ويقال : إن مصرايم ولد القبط والبربر .

وأما قوط فقيل إنه سار إلى الهند ، والسند فنزلها وأهلها من ولده .

وأما الكنعانيون فلحق بعضهم بالشام ، ثم جاءت بنو إسرائيل فقتلوهم بها ونفوهم عنها وصار الشام لبني إسرائيل . ثم وثبت الروم على بني إسرائيل فأجلوهم عن الشام إلى العراق إلا قليلا منهم .

ثم جاءت العرب فغلبوا على الشام . وكان يقال لعاد عاد إرم ، فلما هلكوا قيل لثمود ثمود إرم قال : وزعم أهل التوراة أن أرفخشذ ولد لسام بعد أن مضى من عمر سام مائة سنة وسنتان ، وكان جميع عمر سام ستمائة سنة .

ثم ولد لأرفخشذ قينان بعد أن مضى من عمر أرفخشذ خمس وثلاثون سنة ، وكان عمره أربعمائة وثمانيا وثلاثين سنة . ثم ولد لقينان شالخ بعد أن مضى من عمره تسع وثلاثون سنة ، ولم تذكر مدة عمر قينان في الكتب لما ذكرنا من سحره . ثم ولد لشالخ غابر بعدما مضى من عمره ثلاثون سنة ، وكان عمره كله أربعمائة وثلاثا وثلاثين سنة . ثم ولد لغابر فالغ ، وأخوه قحطان ، وكان مولد فالغ بعد الطوفان بمائة وأربعين سنة ، وكان عمره أربعمائة وأربعا وسبعين سنة . ثم ولد لفالغ أرغو بعد ثلاثين سنة من عمر فالغ ، وكان عمره مائتين وتسعا وثلاثين سنة . وولد لأرغو ساروغ بعدما مضى من عمره اثنتان وثلاثون سنة ، وكان عمره مائتين وتسعا وثلاثين سنة ، وولد لساروغ ناخور بعد ثلاثين سنة من عمره ، وكان عمره كله مائتين وثلاثين سنة . ثم ولد لناخور تارخ أبو إبراهيم [ ص: 76 ] بعدما مضى من عمره سبع وعشرون سنة ، وكان عمره كله مائتين وثمانيا وأربعين سنة . وولد لتارخ - وهو آزر - إبراهيم عليه السلام . وكان بين الطوفان ومولد إبراهيم ألف سنة ومائتا سنة وثلاث وستون سنة ، وذلك بعد خلق آدم بثلاثة آلاف سنة وثلاثمائة وسبع وثلاثين سنة .

وولد لقحطان بن غابر يعرب ، فولد ليعرب يشجب ، فولد يشجب سبأ ، فولد سبأ حمير ، وكهلان ، وعمرا ، والأشعر ، وأنمار ، ومرا ، فولد عمرو بن سبإ عديا ، وولد عدي لخما ، وجذاما .

التالي السابق


الخدمات العلمية