الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) كره ( سؤر ) أي بقية شرب ( شارب خمر ) مسلم أو كافر أي من شأنه ذلك لا من وقع منه مرة أو مرتين وشك في فمه لا إن تحققت طهارته فلا كراهة ولا إن تحققت نجاسته وإلا كان من أفراد قوله ، وإن رئيت إلخ ( و ) كره ( ما أدخل يده فيه ) لأنه كماء حلته نجاسة ولم تغيره ومثل اليد غيرها كرجل ما لم يتحقق طهارة العضو كره ( و ) كره سؤر ( ما ) أي حيوان ( لا يتوقى نجسا ) كطير وسباع وقوله : ( من ماء ) يسير بيان لسؤر ولما أدخل يده فيه ولسؤر المقدر هنا وهذا إذا لم يعسر الاحتراز منه ( لا إن عسر الاحتراز منه ) أي مما لا يتوقى نجسا كالهرة والفأرة [ ص: 45 ] فلا يكره سؤره ثم صرح بمفهوم ما لكونه غير مفهوم شرط فقال ( أو كان ) سؤر شارب الخمر وما عطف عليه ( طعاما ) فلا يكره ولا يراق إذ لا يطرح طعام بشك ( كمشمس ) فلا يكره هذا ظاهره والمعتمد الكراهة فليجعل تشبيها بالمكروه ويقيد بكونه في البلاد الحارة والأواني المنطبعة وهي ما تمد تحت المطرقة غير النقدين وغير المغشاة بما يمنع انفصال الزهومة منها لا مسخن بنار فلا يكره ما لم تشتد حرارته فيكره كشديد البرودة لمنعها كمال الإسباغ وما تقدم من كراهة سؤر شارب الخمر وما أدخل يده فيه وسؤر ما لا يتوقى نجسا إذا لم يعسر الاحتراز منه ولم يكن طعاما وإلا فلا كراهة محله إن لم تر النجاسة على فيه وقت استعماله ( وإن رئيت ) أي النجاسة أي علمت بمشاهدة أو إخبار ( على فيه ) أي على فم شارب الخمر وما لا يتوقى نجسا أي أو على يده أو غيرها من الأعضاء ( وقت استعماله ) للماء أو الطعام ( عمل عليها ) أي على مقتضاها ، فإن غيرت الماء سلبت طاهريته وإلا كره استعماله إن كان يسيرا ونجست الطعام إن كان مائعا كجامد وأمكن السريان

التالي السابق


( قوله : وكره سؤر إلخ ) أي كره استعماله في رفع حدث وحكم خبث وكل ما يتوقف على طهور لا في العادات ( قوله : شارب خمر ) أي أو نبيذ فلو قال مسكر كان أولى ( قوله : لا من وقع منه ) أي الشرب مرة أو مرتين أي فلا يكره استعمال سؤره ( قوله : وشك في فمه ) حال من قوله أي من شأنه ذلك ( قوله : لا إن تحققت طهارته ) أي أو ظنت ; لأن الظن ، وإن لم يغلب كالتحقق كما أفاده شيخنا ( قوله : وما أدخل يده فيه ) أي يكره استعمال ماء أدخل شارب الخمر يده فيه والحال أنه شك في طهارة تلك اليد وعدم طهارتها ( قوله : ومثل اليد غيرها ) أي من أعضاء شارب الخمر ، وإنما اقتصر المصنف على اليد ; لأن الشأن أن مزاولة الخمر بها ( قوله : ما لم يتحقق طهارة العضو ) أي الذي أدخله في الماء وإلا فلا كراهة ومثل تحقق الطهارة وظنها ، وإن كان غير غالب كما مر واعلم أن كراهة استعمال سؤر شارب الخمر وما أدخل يده فيه مقيدة بما إذا كان يسيرا ووجد غيره وإلا فلا كراهة في استعماله وإذا توضأ شخص بما ذكر من السؤر وما أدخل يده فيه مع وجود غيره أعاد الوضوء ندبا لما يستقبل من الصلاة فقط ذكره شيخنا في الحاشية ( قوله : وما لا يتوقى ) عطف على شارب الخمر كما أشار إليه الشارح في الخياطة . وقوله : وكره سؤر ما لا يتوقى فيه حذف مضاف أي كره استعمال سؤر ما لا يتوقى إلخ ; لأنه لا تكليف إلا بفعل اختياري .

( قوله : كطير وسباع ) ، وأما الحيوان البهيمي فلا يكره استعمال سؤره ، ولو كان لا يتوقى النجاسة سواء كان مأكول اللحم أو لا كما مر للشارح وهو ما يفيده طفى عند قوله سابقا [ ص: 45 ] أو كان سؤر بهيمة ( قوله : فلا يكره سؤره ) أي استعمال سؤره في رفع الحدث وحكم الخبث ( قوله : ثم صرح إلخ ) أي فكأنه قال وكره سؤر شارب خمر من ماء لا من طعام وكره ما أدخل يده فيه إن كان من ماء لا من طعام وكره سؤر ما لا يتوقى نجسا من ماء لا طعام ( قوله : أو كان طعاما فلا يكره ) أي ولو لم يعسر الاحتراز منه ، ولو شك في الطهارة ( قوله : ولا يراق ) أي لشرفه . ويحرم طرحه في قذر وامتهانه الشديد لا غيره فيكره كذا في المج

( قوله : كمشمس ) أي كماء مسخن بالشمس فلا يكره استعماله في رفع حدث ولا حكم خبث سواء كان بوضع واضع فيها أم لا هذا ظاهره وهو قول ابن شعبان وابن الحاجب وابن عبد الحكم قال بعضهم ولم أره لغيرهم ( قوله : والمعتمد الكراهة ) وهو ما نقله ابن الفرات عن مالك واقتصر عليه جماعة من أهل المذهب لكن هذه الكراهة طبية لا شرعية ; لأن حرارة الشمس لا تمنع من إكمال الوضوء أو الغسل بخلاف الكراهة بعد في قوله ما لم تشتد حرارته فإنها شرعية والفرق بين الكراهتين أن الشرعية يثاب تاركها بخلاف الطبية وما قلناه من أنها طبية هو ما قاله ابن فرحون والذي ارتضاه ح أنها شرعية ( قوله : وهي ما تمد تحت المطرقة ) أي مثل النحاس والحديد والرصاص وهذه طريقة للقرافي وقال ابن الإمام الكراهة خاصة بالمشمس في النحاس الأصفر وعلة كراهة استعمال الماء المسخن بالشمس أن التسخين في الأواني المذكورة يورث الماء زهومة ، فإذا غسل العضو بذلك الماء انحبس الدم عن السريان في العروق وانقلب برصا ، وأما المشمس في أواني الفخار أو الذهب أو الفضة أو البرك والأنهار فلا كراهة في استعماله

( تنبيه ) على القول بأن استعمال المشمس مكروه فالكراهة في استعماله في البدن في وضوء أو غسل ، ولو غير مطلوب وغسل نجاسة من البدن لا من غيره كالثوب ويكره شربه وأكل ما طبخ به إن قالت الأطباء بضرره ، وتزول الكراهة بتبريد الماء لزوال علة الكراهة حينئذ على ما في حاشية شيخنا ( قوله : يمنع انفصال الزهومة منها ) أي من الأواني المذكورة للماء ( قوله : فلا يكره ) أي ، ولو كان التسخين في أواني النحاس ( قوله : محله إلخ ) أي محل هذا التفصيل المتقدم إن لم تر النجاسة على فيه ، فإن رئيت عمل عليها أي ففيه تفصيل آخر ( قوله : أي علمت ) أشار به إلى أن الرؤية في كلامه علمية لا بصرية فلا يقال الصواب أن يعبر بتيقنت بدل ريئت وأصل ريئت رئيت بتقديم الهمزة على الياء ففيه قلب مكاني وضع الياء مكان الهمزة والهمزة مكان الياء ونقلت كسرة الهمزة للراء ( قوله : على فيه ) لا مفهوم له بل مثل الفم غيره كما أشار له الشارح ( قوله : : أو على يده ) أي شارب الخمر ( قوله : عمل عليها ) أي على النجاسة




الخدمات العلمية