الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما ما تجرد عن القرائن وأمكن عوده إلى الأخير وإلى الجميع : ففيه مذاهب : أحدها : يعود إلى الجميع وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد رضي الله تعالى عنهم نقله الماوردي والروياني والبيهقي في سننه عن الشافعي . ونقله ابن القصار عن مالك . وقال : إنه الظاهر من مذهب أصحابه ، وهو المرجح في مذهبنا . ونقله الأصحاب عن نص أحمد ، حيث قال في حديث { لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه } أرجو أن يكون الاستثناء على كله . وقال القاضي : نص عليه في كتاب طاعة الرسول .

ووجهه : أن العطف يجعل الجميع كواحد رد ، إنما هذا في المفردات وأما في الجمل فمحل النزاع . قالوا : كالشرط ، فإنه للجميع كذلك هنا . رد بالمنع ، ثم قياس في اللغة ، ثم الفرق أن الشرط رتبته التقديم . ثم لغة بلا شك . فالجمل هي الشرط والجزاء لها . قالوا : لو كرر الاستثناء كان مستهجنا قبيحا لغة . ذكره الموفق في الروضة باتفاقهم . رد بالمنع لغة ، ثم الاستهجان لترك الاختصار ، لأنه لا يمكن بعد الجمل إلا كذا في الجميع . قالوا : صالح للجميع . فكان له كالعام ، فبعضه تحكم ، رد لا ظهور ، بخلاف العام . والجملة الأخيرة أولى لقربها قالوا : خمسة وخمسة إلا ستة للجميع إجماعا . فدل على أن المراد بالجمل ما يقبل الاستثناء لا الجمل . النحوية . واحتج الشيخ تقي الدين . فقال : من تأمل غالب الاستثناءات في الكتاب والسنة واللغة وجدها للجميع . والأصل إلحاق المفرد بالغالب . فإذا جعل حقيقة في الغالب مجازا فيما قل : عمل بالأصل النافي للاشتراك . والأصل النافي للمجاز ، وهو أولى من [ ص: 402 ] تركه مطلقا . وتقدم التنبيه على بقية المذاهب أول الكلام على هذه المسألة .

التالي السابق


الخدمات العلمية