الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومنها الوكيل إذا وكله في فعل شيء ثم عزله وتصرف قبل العلم تصرفا يوجب الضمان فهل يضمنه الموكل ؟ فيه وجهان مذكوران فيما إذا وكله في استيفاء القصاص ثم عزله فاستوفاه قبل العلم قال أبو بكر لا ضمان على الوكيل فمن الأصحاب من قال لعدم تفريطه ومنهم من قال لأن عفو موكله لم يصح حيث حصل على وجه لا يمكن استدراكه فهو كما لو عفى بعد الرمي قال أبو بكر وهل يلزم الموكل الضمان ؟ على قولين أحدهما لا ضمان عليه ووجه بأن عفوه لم يصح كما ذكرنا وبأنه محسن بالعفو فلا يترتب عليه الضمان به والثاني عليه الضمان لأنه سلطه على قتل معصوم لا يعلم بعصمته فكان الضمان عليه كما لو أمر بالقتل من لا يعلم تحريمه فقتل كان الضمان على الآمر وللأصحاب طريقة [ ص: 113 ] ثانية وهي البناء على انعزال الوكيل قبل العلم فإن قلنا لا ينعزل لم يصح العفو فيقع القصاص مستحقا لا ضمان فيه ، وإن قلنا ينعزل صح العفو وضمن الوكيل كما لو قتل مرتدا وكان [ قد ] أسلم ولم يعلم به وهل يرجع على الموكل ؟ على وجهين :

أحدهما : يرجع لتغريره .

والثاني : لا لأن العفو إحسان منه لا يقتضي الضمان وعلى هذا فالدية على عاقلة الوكيل عند أبي الخطاب لأنه خطأ استنمت القاضي في ماله لأنه عمد وهو بعيد .

وقد يقال هو شبه عمد كذا حكى صاحب المغني ، وللأصحاب طريقة ثالثة وهو إن قلنا لا ينعزل لم يضمن الوكيل وهل يضمن العافي ؟ على وجهين بناء على صحة عفوه ، وترددا بين تغريره وإحسانه ، وإن قلنا ينعزل لزمته الدية .

وهل يكون في ماله أو على عاقلته ؟ على وجهين ، وهذه طريقة أبي الخطاب وصاحب الترغيب وزادوا إذا قلنا في ماله فهل يرجع بها على الموكل ؟ على وجهين ، ولو وكله في بيع شيء أو وقفه أو [ في ] عتق عبده ثم عزله ثم فعل ما وكله فيه قبل العلم بعزله فإن قيل لا ينعزل قبل العلم فالتصرف صحيح ولا كلام وإن قيل ينعزل فالعقد باطل وكذلك وقف المشتري وعتقه .

وأما استقلاله فقال الشيخ تقي الدين لا يضمنه الوكيل لانتفاء تفريطه والمشتري مغرور وفي تضمينه خلاف في المذهب وإذا ضمن رجع على الغار على الصحيح والغار هنا لا ضمان عليه فلا ضمان على واحد منهما انتهى . وعلى القول بضمان الوكيل في مسألة استيفاء القصاص من غير رجوع قد يتوجه ضمان الوكيل هنا وفيه بعد أيضا لأن الضمان هنا لو وجب لوجب للغار والغار من شأنه أن يضمن لا أن يضمن له .

وأما المشتري فهو شبيه بالمشتري من المشتري من الغاصب إذا لم يعلما بالغصب ، والمعروف في المذهب تضمينه لكن لا يمكن الرجوع هنا على الوكيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية