الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يتيمم إلى المرفقين وسئل مالك كيف التيمم وأين يبلغ به فقال يضرب ضربة للوجه وضربة لليدين ويمسحهما إلى المرفقين

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          124 122 - ( مالك ، عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يتيمم إلى المرفقين ) ليجمع بين الفرض والسنة أو أن مذهبه أنه فرض إليهما

                                                                                                          ( وسئل مالك كيف التيمم وأين يبلغ به ؟ فقال يضرب ضربة للوجه وضربة لليدين ) ليجمع بين الفرض والسنة فلو اقتصر على ضربة واحدة لهما كفاه ولا إعادة على المذهب

                                                                                                          ( ويمسحهما إلى المرفقين ) تحصيلا للسنة ولو مسحهما إلى الكوع صح ويستحب الإعادة في الوقت ، فأجاب رحمه الله بالصفة الكاملة وإن كان الواجب عنده ضربة لهما وإلى الكوعين لما في الصحيحين من حديث عمار : " أنه أجنب فتمعك أي تمرغ في التراب وصلى قال : فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إنما كان يكفيك هكذا فضرب - صلى الله عليه وسلم - بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه " وفي رواية فقال - صلى الله عليه وسلم - : " يكفيك الوجه والكفان " فعلمه فعلا وقولا

                                                                                                          ففيه أن الزائد عليهما ليس [ ص: 226 ] بفرض ، وإليه ذهب أحمد ، وأصحاب الحديث ، والشافعي في القديم وأنكره الماوردي وغيره ، قال النووي في شرح المهذب : وهو إنكار مردود فقد رواه عنه أبو ثور وغيره وأبو ثور إمام ثقة وهذا القول وإن كان مرجوحا عند الأصحاب فهو القوي في الدليل

                                                                                                          وقال في شرح مسلم جوابا عن حديث عمار : بأن المراد به بيان صورة الضرب للتعليم لا بيان جميع ما يحصل به التيمم

                                                                                                          قال الحافظ : وتعقب بأن سياق القصة يدل على أن المراد جميع ذلك لأنه الظاهر من قوله : " إنما كان يكفيك " ، وأما ما استدل به لاشتراط بلوغ المسح إلى المرفقين بأن ذلك شرط في الوضوء فجوابه أنه قياس مع وجود النص فهو فاسد الاعتبار ، وقد عارضه من لم يشترط ذلك بقياس آخر وهو الإطلاق في آية السرقة ولا حاجة لذلك مع وجود هذا النص . انتهى

                                                                                                          وذهب أبو حنيفة والشافعي في الجديد وغيرهما إلى وجوب ضربتين ووجوبه إلى المرفقين لحديث أبي داود : " أنه - صلى الله عليه وسلم - تيمم ضربتين مسح بإحداهما وجهه والأخرى يديه إلى المرفقين " وروى الحاكم ، والدارقطني عن ابن عمر مرفوعا : " التيمم ضربتان : ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين " وتعقب بأن الصواب وقفه على ابن عمر ، وخبر أبي داود ليس بالقوي ولو ثبت بالأمر دل على النسخ فيلزم قبوله ، لكن إنما ورد بالفعل فيحمل على الأكمل جمعا بينه وبين حديث عمار




                                                                                                          الخدمات العلمية