الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الثاني : في الشروط .

                                                                                                                وهي أربعة :

                                                                                                                الشرط الأول : العزم على قطع المسافة المتقدمة ، فلو قطع المسافة ولم يعزم لم يجز القصر .

                                                                                                                الشرط الثاني في الكتاب : لا يقصر حتى يبرز عن بيوت القرية ، وإذا رجع [ ص: 366 ] أتم إذا دخلها أو قاربها ; لقوله تعالى : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) . فرتب القصر على الضرب ، والكائن في البيوت ليس بضارب في الأرض ; فلا يقصر .

                                                                                                                فائدة : نقل ابن عطية في تفسيره ضرب في الأرض إذا سافر للتجارة ، وضرب الأرض إذا سافر للحج أو الغزو ; فكأن الأول لما كان طالبا لمتاع الدنيا كان ملتبسا بها وفيها ، والثاني عابرها إلى الآخرة فليس فيها ، وإنما هو في الآخرة ، قال سند : ظاهر الكتاب يقتضي ألا يحاذيه من البيوت عن يمينه وشماله شيء ، وروي عنه : لا بد من ثلاثة أميال ، وروي تخصيصها بقرية تقام فيها الجمعة ; لوجوب السعي من تلك المسافة بخلاف غيرها ; وفي الكتاب : إذا كانت البساتين متصلة لم يقصر حتى يفارقها قاله ابن القاسم ، خلافا للشافعية ; لأنها من توابعها وأهل البلد يقيمون فيها ، قال سند : ولو كان في البلد نهر كبغداد لم يقصر حتى يتجاوز الجانب الآخر ، فإن اتصل بنيان قرية بقرية فحتى يتجاوزهما ، وإن كان بينهما فضاء فلا ، ولا يقصر البدوي حتى يجاوز جميع بيوت الحي .

                                                                                                                فرع : .

                                                                                                                قال : ولو نوى الرجعة بعد بروزه ثم نوى السفر ، قال مالك : لا يقصر حتى يبرز عن موضعه .

                                                                                                                [ ص: 367 ] الشرط الثالث إباحة السفر ، في الكتاب لا يقصر الصائد للتلذذ ، قال سند : السفر خمسة : واجب ومندوب ويقصر فيهما ، ومباح ويقصر فيه - خلافا لابن مسعود في تخصيصه بالواجب ; معللا بأن الواجب لا يترك للواجب ، ولعطاء في تخصيصه بالعبادات . لنا ما في الصحاح : أنه - عليه السلام - كان إذا قفل من حجة أو غزوة قصر في رجوعه إلى بيته ، وهو مباح . ومحرم ، والمشهور المنع ; لأن المعصية لا تكون سبب الرخصة ; كما أن زوال العقل يسقط التكاليف بخلاف السكر ، والخوف يبيح الإيماء في الصلاة ، والمحارب الخائف من الإمام لا يومئ ، وقيل : يترخص لعموم النص ، والمكروه إن قلنا بالمنع في المحرم كره ، وإلا جاز ، والعاصي في سفره مخالف للعاصي بسفره .

                                                                                                                الشرط الرابع : ألا يقتدي بمقيم ، قال ابن القاسم في الكتاب : يتم وراءه إن أدرك ركعة ، وقاله ( ح و ش ) ، وابن حنبل ; لنا ما في الموطأ كان ابن عمر إذا صلى وراء الإمام صلى أربعا ، وإذا وجده صلى ركعتين ، قال سند : وقال أشهب : ينتظره بعد اثنتين حتى يسلم ، فإن أدرك أقل من ركعة ، قال مالك : لا يتم خلافا ل ( ح و ش ) كمن أدرك أقل من ركعة من الجمعة ; فإنه لا يلتزمها .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية