الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وتجب فطرة عبيد التجارة مع زكاتها ) لاختلاف السبب وهو المال والبدن فلم يتداخلا كالقيمة والجزاء في الصيد ( ولو كان العرض سائمة ) [ ص: 303 ] أو تمرا أو حبا قال ابن النقيب أو اشترى دنانير للتجارة بحنطة مثلا ( فإن كمل ) بتثليث الميم ( نصاب إحدى الزكاتين فقط ) كتسع وثلاثين من الغنم قيمتها مائتان وكأربعين منها قيمتها دون المائتين ( وجبت ) زكاة ما كمل نصابه لوجود سببها من غير معارض ( أو ) كمل ( نصابهما ) واتفق وقت الوجوب أو اختلف ( فزكاة العين ) هي الواجبة ( في الجديد ) لقوتها للإجماع عليها بخلاف زكاة التجارة وإذا أخرج زكاة العين في الثمر والحب لم تسقط زكاة التجارة في قيمة عروضها من نحو الجذع والأرض وتبن الحب إن بلغت نصابا إذ لا تضم لقيمة الثمر والحب ( فعلى هذا ) وهو تقديم زكاة العين ( لو سبق حول التجارة بأن ) أي كأن ( اشترى بمالها بعد ستة أشهر ) من حولها ( نصاب سائمة ) ولم يقصد به القنية أو اشترى معلوفة للتجارة ثم أسامها بعد ستة أشهر ولا يتصور سبق حول العين في السائمة [ ص: 304 ] ؛ لأنه ينقطع بالمبادلة بل في الثمر والحب بأن يبدو الصلاح ويقع الاشتداد قبل تمام حول التجارة وحكم هذه كما علم مما مر أنه يخرج زكاة العين ثم زكاة التجارة آخر حولها ( فالأصح وجوب زكاة التجارة لتمام حولها ) لئلا يحبط بعض حولها ولأن الموجب قد وجد ولا معارض له ( ثم ) من انقضاء حولها ( يفتتح حولا لزكاة العين أبدا ) أي في سائر الأحوال وما مضى من السوم في بقية الحول الأول غير معتبر ( وإذا قلنا عامل القراض لا يملك الربح بالظهور ) بل بالقسمة وهو الأصح ( فعلى المالك زكاة الجميع ) ربحا ورأس مال ؛ لأنه ملكه ( فإن أخرجها ) من عنده فواضح أو ( من مال القراض حسبت من الربح في الأصح ) كمؤن المال من نحو أجرة دلال وفطرة عبد تجارة وفداء جناية ( وإن قلنا ) بالضعيف أنه ( يملك ) الربح المشروط له ( بالظهور لزم المالك زكاة رأس المال وحصته من الربح ) ؛ لأنه مالك لهما ( والمذهب ) على هذا الضعيف ( أنه يلزم العامل زكاة حصته ) من الربح لتمكنه من التوصل إليه متى شاء بالقسمة فهو كدين حال على مليء وعليه فابتداء حول حصته من الظهور

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أو ثمرا أو حبا ) أي كأن اشترى للتجارة نخلات مثمرة أو فأثمرت أو أرضا مزروعة أو فزرعها ببذر التجارة ( قوله في المتن فزكاة العين ) قال في شرح المنهج فعلم أنه لا تجتمع الزكاتان ولا خلاف فيه كما في المجموع فلو كان مع ما فيه زكاة عين ما لا زكاة في عينه كأن اشترى شجرا للتجارة فبدا قبل حوله صلاح ثمره وجب مع تقديم زكاة العين عن الثمر زكاة الشجر عند تمام حوله ا هـ قال في الروض وشرحه وينعقد الحول للتجارة على الثمر من الوقت الذي يخرج زكاته فيه بعد الجداد لا من وقت الإدراك وتجب زكاة التجارة فيه أبدا أي في الأحوال الآتية ا هـ والظاهر أن ابتداء الحول الثاني على الشجر من وقت التمكن من الإخراج عقب تمام الحول الأول وذلك قد يتأخر عن وقت إخراج زكاة الثمر فيختلف حولاهما وخرج بقول شرح المنهج كغيره فبدا قبل حوله إلخ ما لو تم حول التجارة قبل بدو الصلاح فيخرج كما هو ظاهر زكاة الجميع للتجارة وحينئذ فإذا بدا الصلاح بعد الإخراج ولو بيوم وجبت حينئذ كما هو ظاهر زكاة العين في الثمر فليتأمل ( قوله إذ لا تضم لقيمة الثمر والحب ) هل هذا بالنظر لحول [ ص: 304 ] الثمر والحب الأول لأداء الزكاة فيه فيهما زكاة عين لا فيما بعده ؛ لأن زكاتهما فيه زكاة تجارة حتى لو نقصت قيمة عروض التجارة المذكورة آخر حولها عن النصاب وبلغت بقيمة الثمر والحب نصابا زكى الجميع لحول الثمر والحب الثاني الذي ابتداؤه من الوقت الذي يخرج فيه زكاته بعد الجداد كما في الحاشية الأخرى عن الروض وشرحه ( قوله وما مضى من السوم في بقية الحول الأول غير معتبر ) زاد الروض عقب هذا فإذا اتفق الحولان واشترى بهما عرضا أي بعد ستة أشهر مثلا استأنف الحول من حين شرائه أما إذا كان لا يبلغ نصابا إلا بأحدهما فالحكم لما بلغه به فلو حدث نقص في نصاب السائمة أي غلبناه انتقل إلى التجارة واستأنف الحول فلو حدث نتاج لم ينتقل أي إلى زكاة العين ؛ لأن الحول انعقد للتجارة ا هـ والله تعالى أعلم



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لاختلاف السبب ) إلى قوله أو اشترى في المغني إلا قوله وهو المال والبدن وقوله قال إلى المتن وقوله وأنفق إلى المتن وقوله إذ لا تضم إلى المتن وإلى قوله ولا يتصور في النهاية إلا ما ذكر ( قوله وهو المال والبدن ) فيه نظر تأمل شوبري ووجه النظر أن البدن ليس سببا لزكاة الفطر وإنما سببها إدراك جزء من رمضان وجزء من شوال شيخنا ا هـ بجيرمي وقد يجاب بأن البدن سبب أيضا ولو بعيدا لما يأتي أنها طهرة للصائم ( قوله في الصيد ) أي المملوك إذا قتله المحرم نهاية ( قوله أو ثمرا أو حبا ) ولو قال المصنف ولو كان العرض مما يجب الزكاة في عينه

                                                                                                                              [ ص: 303 ] لكان أعم واستغنى عن تقدير هذا مغني ( قوله أو ثمرا أو حبا ) أي كأن اشترى للتجارة نخلا مثمرة أو فأثمرت أو أرضا مزروعة أو فزرعها ببذر التجارة سم وعباب ( قوله أو اشترى دنانير ) ليتأمل بصري عبارة الإيعاب ويأتي ما تقرر في الثمر والحب كما بحثه بعض المحققين فيما لو كان المملوك للتجارة نقدا كأن اشترى لها دنانير بحنطة مثلا بخلاف ما لو اشترى لها أو لغيرها نقدا بنقد كما يفعله الصيارفة فإن الحول ينقطع بذلك ومن ثم لا زكاة على الصيارفة ا هـ ( قوله مثلا ) لعله راجع للشراء والدنانير أيضا أي فمثل الشراء سائر المعاوضات ومثل الدنانير الدراهم ومثل الحنطة بقية العروض .

                                                                                                                              ( قوله كتسع وثلاثين إلخ ) أي وكتسعة عشر من الدنانير قيمتها مائتان وكعشرين منها قيمتها دون المائتين في مسألة ابن النقيب أي وغالب نقد البلد الدراهم ( قوله أو كمل نصابهما ) أي كأربعين شاة قيمتها مائتا درهم مغني ( قوله واتفق إلخ ) الأولى حذف الواو قول المتن ( فزكاة العين ) قال في شرح المنهج أي والمغني والنهاية فعلم أنه لا تجتمع الزكاتان ولا خلاف فيه كما في المجموع فلو كان مع ما فيه زكاة عين ما لا زكاة في عينه كأن اشترى شجرا للتجارة فبدا قبل حوله صلاح ثمره وجب مع تقديم زكاة العين عن الثمر وزكاة الشجر عند تمام حوله ا هـ .

                                                                                                                              وخرج بقوله كغيره فبدا قبل حوله إلخ ما لو تم حول التجارة قبل بدو الصلاح فيخرج كما هو ظاهر زكاة الجميع للتجارة وحينئذ فإذا بدا الصلاح بعد الإخراج ولو بيوم وجبت حينئذ - كما هو ظاهر - زكاة العين في الثمر فليتأمل سم قال ع ش وعليه فقد يقال وجوب الزكاة في الثمر على هذا الوجه يلزمه اجتماع الزكاتين في مال واحد ؛ لأنه زكى الثمر عند تمام الحول لدخولها في التقويم وزكى عنها بعد بدو الصلاح فتكرر فيه زكاتهما اللهم إلا أن يقال لما اختلف الوقت والجهة نزل منزلة مالين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإذا أخرج زكاة العين في الثمر والحب إلخ ) أي فيما إذا بدا صلاح الثمر واشتداد الحب قبل حول التجارة وهو ظاهر إن تم نصاب كل منهما فإن تم نصاب العين دون الشجر والأرض فهل يسقط زكاتهما لعدم تمام نصابهما أو يضم الشجر إلى الثمر والأرض إلى الحب ويقوم الجميع ويخرج زكاته وتسقط زكاة العين فيه نظر والأقرب أخذا من إطلاقهم وجوب زكاة العين إذا تم نصابها الأول لعدم تمام النصاب ع ش .

                                                                                                                              أقول : ويصرح بالأول قول الشارح إن بلغت نصابا إلخ وما نذكر في حاشيته من عبارة العباب وشرحه ( قوله لم تسقط إلخ ) قال في الروض وشرحه وينعقد الحول للتجارة على الثمر من الوقت الذي يخرج زكاته فيه بعد الجداد لا من وقت الإدراك وتجب زكاة التجارة فيه أبدا أي في الأحوال الآتية ا هـ والظاهر أن ابتداء الحول الثاني على الشجر من وقت التمكن من الإخراج عقب تمام الحول الأول وذلك قد يتأخر عن وقت إخراج زكاة الثمر فيختلف حولاهما سم ( قوله في قيمة عروضها ) أي التجارة .

                                                                                                                              ( قوله إذ لا يضم إلخ ) تعليل لمفهوم قوله إن بلغت إلخ وهو ما لو لم تبلغه بصري عبارة العباب وشرحه ولا يسقط بإخراج العشر زكاة التجارة للجذوع والتبن والأرض لكن إذا نقصت قيمة هذه الثلاثة عن النصاب لم يكمل بقيمة الثمرة أو الحب ؛ لأنه أدى زكاتهما ولاختلاف حكمها كما علم مما تقرر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إذ لا يضم لقيمة الثمر إلخ ) هل هذا بالنظر لحول الثمر والحب [ ص: 304 ] الأول لأداء الزكاة فيه فيهما زكاة عين لا فيما بعده ؛ لأن زكاتهما فيه زكاة تجارة حتى لو نقصت قيمة عروض التجارة المذكورة آخر حولها عن النصاب وبلغت بقيمة الثمر والحب نصابا زكى الجميع لحول الثمر والحب الثاني الذي ابتداؤه من الوقت الذي يخرج فيه زكاته بعد الجداد كما في الحاشية الأخرى عن الروض وشرحه سم .

                                                                                                                              أقول : والذي يقتضيه كلامهم أنه يزكي في الصورة المذكورة الجميع لحول التجارة الثاني إذا لم تبلغ قيمة الثمر أو الحب نصابا أيضا وإلا فيزكي كلا منهما لحوله الثاني والله أعلم ( قوله ؛ لأنه إلخ ) أي السوم ( قوله مما مر ) أي آنفا بقوله وإذا أخرج إلخ ( قوله ثم زكاة التجارة إلخ ) أي في قيمة العروض لا العين كما مر كردي عبارة ع ش وليس فيه وجوب زكاتين ؛ لأن ما وجب في الثمر متعلق بعينه ويخرج منه وما وجب في الشجرة متعلق بقيمته خاليا عن الثمر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وما مضى من السوم في بقية الحول الأول غير معتبر ) زاد الروض عقب هذا فإذا اتفق الحولان واشترى بها عرضا أي بعد ستة أشهر مثلا استأنف الحول من حين شرائه فلو حدث نقص في نصاب السائمة أي حيث غلبناه انتقل إلى التجارة واستأنف الحول فلو حدث نتاج لم ينتقل أي إلى زكاة العين ؛ لأن الحول انعقد للتجارة انتهى ا هـ سم ( قوله بل بالقسمة ) إلى الباب في النهاية والمغني ( قوله فواضح ) أي ولا رجوع له على العامل ع ش ( قوله وعليه إلخ ) أي على ذلك الضعيف ( خاتمة ) يصح بيع عرض التجارة قبل إخراج زكاته وإن كان بعد وجوبها أو باعه بعرض قنية ؛ لأن متعلق زكاته القيمة وهي لا تفوت بالبيع ولو أعتق عبدا لتجارة أو وهبه فكبيع الماشية بعد وجوب الزكاة فيها ؛ لأنهما يبطلان متعلق زكاة التجارة كما أن البيع يبطل متعلق زكاة العين .

                                                                                                                              وكذا لو جعله صداقا أو صلحا عن دم أو نحوهما ؛ لأن مقابله ليس بمال فإن باعه محاباة فقدر المحاباة كالموهوب فيبطل فيما قيمته قدر الزكاة من ذلك القدر ويصح في الباقي تفريقا للصفقة مغني ونهاية وشرح الروض وشرح العباب قال ع ش قوله ورجح في الباقي أي ويتعلق حق المستحقين بما بطل فيه التصرف ومع ذلك لا ينقطع تعلق المالك به ؛ لأنه مخاطب بالإخراج فإن دفع بعد ذلك الواجب للمستحقين من غير مال التجارة تصرف في باقيه وإلا فللإمام التعلق بما بقي ؛ لأنه حق الفقراء ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية