الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : ومركب عبده مركبه إن ينو ، ولا دين ) يعني لو حلف لا يركب دابة فلان فركب دابة عبد فلان فإنه يحنث بشرطين الأول أن ينويها الثاني أن لا يكون عليه دين أي مستغرق فإن لم ينو لا حنث مطلقا ; لأن الملك ، وإن كان للمولى إلا أنه يضاف إلى العبد عرفا ، وكذا شرعا قال عليه السلام { من باع عبدا ، وله مال } الحديث ، فتختل الإضافة إلى المولى فلا بد من النية فإن نواها ، ولا دين على العبد أو كان دينه غير مستغرق حنث ; لأنه شدد على نفسه بنيته ، وإن كان الدين مستغرقا فلا حنث ، وإن نوى ; لأنه لا ملك للمولى في كسب عبده المديون المستغرق عند أبي حنيفة ، وقال أبو يوسف يحنث في الوجوه كلها إذا نوى ; لأن الملك للمولى لكن الإضافة إليه قد اختلت لما ذكرنا فلا يدخل إلا بالنية ، وقال محمد يحنث في الوجوه كلها نوى أو لم ينو اعتبارا للحقيقة ; لأن العبد ، وما في يده ملك المولى حقيقة عنده ونظير هذا الاختلاف ما لو قال كل مملوك لي حر فعند أبي يوسف لا يدخل عبيد عبده التاجر إلا بالنية سواء كان على العبد دين أو لا ، وعند محمد عتقوا نواهم أو لا كان عليه دين أو لا ، وعند أبي حنيفة إن لم يكن عليه دين عتقوا إذا نواهم ، وإلا فلا ، وإن كان على العبد دين لم يعتقوا ، وإن نواهم ، وفي المحيط ، ولو ركب دابة مكاتبه لا يحنث ; لأن ملكه ليس بمضاف إلى المولى لا ذاتا ، ولا يدا . ا هـ .

                                                                                        ولم يذكر المصنف رحمه الله من مسائل الركوب غير هذه المسألة ، ولا بأس بذكر بعض مسائله قال في الواقعات حلف لا يركب فاليمين على ما يركب الناس من الفرس والبغل وغير ذلك فلو ركب ظهر إنسان ليعبر النهر لا يحنث ; لأن أوهام الناس لا تسبق إلى هذا . ا هـ .

                                                                                        وفي الظهيرية حلف أن لا يركب دابة ، ولم ينو شيئا فركب حمارا أو فرسا أو برذونا أو بغلا حنث فإن ركب غيرها نحو البعير والفيل لا يحنث استحسانا إلا أن ينوي ، ولو حلف لا يركب فرسا فركب برذونا لا يحنث ، وكذلك لو حلف [ ص: 344 ] لا يركب برذونا فركب فرسا ; لأن الفرس اسم للعربي والبرذون للعجمي والخيل ينتظم الكل ، وهذا إذا كانت اليمين بالعربية ، وإن كانت بالفارسية يحنث بكل حال ، ولو حلف لا يركب دابة فحمل على الدابة مكرها لا يحنث ، وإن حلف لا يركب أو لا يركب مركبا فركب سفينة أو محملا أو دابة حنث ، ولو ركب آدميا ينبغي أن لا يحنث ، ولو حلف لا يركب على هذا السرج فزيد فيه أو نقص عنه فركب عليه حنث . ا هـ .

                                                                                        وفي الخلاصة قال كلما ركبت دابة فلله علي أن أتصدق بها فركب دابة يلزمه التصدق بها فإن تصدق بها ثم اشتراها فركب مرة أخرى لزمه التصدق بها مرة أخرى ثم وثم بخلاف مسألة التنجيز حيث يبطل التعليق أما لو قال لأجنبية كلما تزوجتك فأنت طالق ثلاثا فتزوجها تطلق ثلاثا فلو تزوجت بآخر ، وعادت إليه فتزوجها تطلق ثلاثا ثم وثم . ا هـ . والله أعلم .

                                                                                        [ ص: 344 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 344 ] ( قوله : فركب سفينة أو محملا أو دابة حنث ) هذا بالنسبة إلى قوله ، وإن حلف لا يركب مخالف لما مر آنفا عن الواقعات تأمل ، وفي بعض الكتب الاقتصار على قوله لا يركب مركبا ، وفي الخانية كما هنا .




                                                                                        الخدمات العلمية