الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5417 64 - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد، أن رهطا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انطلقوا في سفرة سافروها حتى نزلوا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين قد نزلوا بكم لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لدغ فسعينا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فهل عند أحد منكم شيء، فقال بعضهم: نعم، والله إني لراق، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق فجعل يتفل ويقرأ "الحمد لله رب العالمين" حتى لكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي ما به قلبة، قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له، فقال: وما يدريك أنها رقية، أصبتم، اقسموا واضربوا لي معكم بسهم.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: "فجعل يتفل" على الوجه الذي ذكرناه عند أول حديث الباب.

                                                                                                                                                                                  وأبو عوانة الوضاح اليشكري، وأبو بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة جعفر بن أبي إياس اليشكري البصري، وأبو المتوكل علي بن داود الناجي بالنون والجيم.

                                                                                                                                                                                  والحديث قد مضى عن قريب في باب الرقية بفاتحة الكتاب.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فجعل يتفل" وقد مضى أن النفث دون التفل، فإذا جاز التفل جاز النفث بالطريق الأولى.

                                                                                                                                                                                  قوله: "نشط" قيل: صوابه أنشط، قال الجوهري: أنشطته أي: حللته، ونشطته أي: عقدته، والعقال بكسر العين المهملة وبالقاف: الحبل الذي يشد به.

                                                                                                                                                                                  قوله: "يمشي" حال، وكذا قوله: "ما به قلبة" بالفتحات، ومعناه ما به ألم يقلب على الفراش لأجله، وقيل: أصله من القلاب بضم القاف وهو داء يأخذ البعير فيمسك على قلبه فيموت من يومه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فقال الذي رقى" هو أبو سعيد الخدري.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فذكروا له" أي: للنبي - صلى الله عليه وسلم -.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وما يدريك" أي: أي شيء دراك أنها، أي: أن قراءة الفاتحة رقية.

                                                                                                                                                                                  قوله: "اقسموا" هذه القسمة من باب المروءات والتبرعات، وإلا فهو ملك للراقي مختص به، وإنما قال - صلى الله عليه وسلم -: "اضربوا لي معكم بسهم" أي: بنصيب؛ تطييبا [ ص: 272 ] لقلوبهم، ومبالغة في تعريفهم أنه حلال.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية