الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 466 - 467 ] ثم المعتبر يسار التيسير ، وهو أن يملك من المال قدر قيمة نصيب الآخر لا يسار الغنى ، لأن به يعتدل النظر من الجانبين بتحقيق ما قصده المعتق من القربة وإيصال بدل حق الساكت إليه ، [ ص: 468 ] ثم التخريج على قولهما ظاهر ، فعدم رجوع المعتق بما ضمن على العبد لعدم السعاية عليه في حالة اليسار والولاء للمعتق لأن العتق كله من جهته لعدم التجزيء . وأما التخريج على قوله فخيار الإعتاق لقيام ملكه في الباقي إذ الإعتاق يتجزأ عنده ، والتضمين لأن المعتق جان عليه بإفساده نصيبه حيث امتنع عليه البيع والهبة ونحو ذلك مما سوى الإعتاق وتوابعه ، والاستسعاء لما بينا .

التالي السابق


( قوله ثم المعتبر يسار التيسير وهو أن يملك من المال قدر قيمة نصيب الساكت ) وهو ظاهر الرواية ، وهو قول الشافعي ومالك وأحمد ، وفي رواية الحسن استثنى الكفاف وهو المنزل والخادم وثياب البدن ( لا يسار الغنى ) أي الغنى المحرم للصدقة كما اختاره بعض المشايخ ( لأن بيسار التيسير يعتدل النظر من الجانبين ) جانب المعتق وجانب الساكت لأن مقصود المعتق القربة وتتميمها بضمانه [ ص: 468 ] ومقصود الساكت بدل حصته وتحقيقه بالضمان لأنه أسرع من الاستسعاء فكان اعتبار نصاب التيسير أسرع في تحقيق مقصودهما فوجب ، وهذا في الحقيقة تعليل للنص وإلا فصريح النص أوجب الضمان عند مجرد تملك قيمته الحصة لأنه المراد بقوله عليه الصلاة والسلام { وكان له مال يبلغ ثمن العبد } باتفاق المتكلمين عليه ( قوله ثم التخريج على قولهما ) أي تخريج تفصيل المسألة على قولهما ( فعدم رجوع المعتق بما ضمن على العبد لعدم السعاية على العبد في حالة اليسار ) فلم يكن الضمان منقولا إليه عما وجب على العبد بل هو شيء واجب عليه ابتداء فلا وجه لرجوعه على غيره .

وأما جعلهما الولاء كله للمعتق للحصة فلأن العتق كله من جهته لعدم التجزيء فكان إعتاق بعضه إعتاق كله . ويسعى في حالة إعساره حرا مديونا . وأما التخريج على قول أبي حنيفة فإثباته خيار الإعتاق للساكت لقيام ملكه في الباقي إذ الإعتاق منجز عنده فلا يعتق الباقي بعتق المعتق نصيبه ( والتضمين ) بالجر : أي وخيار التضمين للمعتق ( لأن المعتق جان عليه بإفساد نصيبه حيث امتنع عليه بالبيع والهبة ونحو ذلك ) من الوصية والصدقة والإجارة والإعارة والإمهار والاستخدام ونحو ذلك ( مما سوى الإعتاق وتوابعه ) من التدبير والاستيلاد والكتابة .

وقوله ( والاستسعاء ) بالجر عطفا على التضمين : أي وإثبات خيار الاستسعاء ( لما بينا ) من أنه احتبس مالية نصيبه عنده ، وإنما يرجع المعتق بما ضمن على العبد لأنه قام مقام الساكت لأنه ملكه بأداء الضمان من وقت الإعتاق فصار كالساكت وللساكت ولاية الاستسعاء ، فكذا لمن قام مقامه وصار كالغاصب إذا قتل المغصوب في يده وضمن للمالك فإنه يرجع على القاتل لأنه ملكه بالضمان وللمالك التضمين ، فكذا [ ص: 469 ] للغاصب ، ولأنه بذلك يصير كعبد خاص به أعتق بعضه فله عتق الباقي أو استسعاؤه .




الخدمات العلمية