الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          و ( سن ) لمصل ( رد مار بين يديه ) كبير ، أو صغير ، أو بهيمة بلا عنف لحديث أم سلمة { كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجرة أم سلمة فمر بين يديه عبد الله ، أو عمر بن أبي سلمة ، فقال بيده هكذا فرجع ، فمرت بين يديه زينب بنت أم سلمة فقال بيده هكذا فمضت ، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هن أغلب } رواه ابن ماجه . وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى جدار اتخذه قبلة ، ونحن خلفه فجاءت بهيمة تمر بين يديه فما زال يداريها ، حتى لصق بطنه بالجدار ، فمرت من ورائه } ( ما لم يغلبه ) المار ، كما تقدم في بنت أم سلمة ( أو يكن ) المار ( محتاجا ) إلى مرور ، لضيق الطريق ، وتكره صلاته بموضع يحتاج فيه إلى المرور ( أو ) يكن ( بمكة ) نصا ; لأنه صلى الله عليه وسلم { صلى بمكة والناس يمرون بين يديه ، وليس بينهما سترة } رواه أحمد وغيره .

                                                                          وفي المغني : والحرم [ ص: 211 ] كهي ( فإن أبى ) المار إلا المرور بين يدي المصلي ودفعه المصلي ( فإن أصر ) على إرادة المرور ولم يندفع بالدفع ( فله ) أي : المصلي ( قتاله ) لا بنحو سيف ، ولو مشى له قليلا ، ولا تبطل صلاته لحديث أبي سعيد مرفوعا { إذا كان أحدكم يصلي إلى شيء يستره من الناس ، فأراد أن يجتاز بين يديه ، فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان } متفق عليه .

                                                                          ولأبي داود { إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه ، وليدرأ ما استطاع فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان } أي : فعله فعل شيطان ، أو هو يحمله عليه . وقيل : معه شيطان ( ولا يكرره ) أي : الدفع ( إن خاف فسادها ) أي : الصلاة ; لأنه يؤدي إلى فساد صلاته ( ويضمنه ) أي : يضمن مصل مارا بين يديه ( معه ) أي : مع تكرار الدفع من خوف الفساد ، لعدم الإذن فيه إذن وعلم منه : أنه لا يضمنه بدونه .

                                                                          وتنقص صلاة من لم يرد مارا بين يديه بلا عذر ( ويحرم مرور بينه ) أي : المصلي ( وبين سترته . ولو ) كانت ( بعيدة ) لحديث أبي جهم عبد الله بن الحارث بن الصمة مرفوعا { لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم ، لكان أن يقف أربعين سنة خيرا له من أن يمر بين يديه } ولمسلم { لأن يقف أحدكم مائة عام خير من أن يمر بين يدي أخيه وهو يصلي } .

                                                                          وفي المستوعب : إن احتاج إلى المرور ألقى شيئا ثم مر ( وإلا ) أي : وإن لم يكن للمصلي سترة ، فإنه يحرم المرور ( ففي ثلاثة أذرع فأقل ) من قدم المصلي ( وله ) أي : يباح للمصلي ( عد آي ) جمع آية بأصابعه .

                                                                          ( و ) له عد ( تسبيح بأصابعه ) لأنه في معنى عد الآي .

                                                                          ( و ) لمصل ( قول : سبحانك ، فبلى إذا قرأ { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } نصا ، فرضا كانت أو نفلا للخبر .

                                                                          وأما { أليس الله بأحكم الحاكمين ؟ } ففي الخبر فيها نظر ، ذكره في الفروع ( و ) لمصل " قراءة في المصحف ، ونظر فيه " أي : المصحف .

                                                                          قال أحمد : لا بأس أن يصلي بالناس القيام وهو ينظر في المصحف ، قيل له : الفريضة ؟ قال : لم أسمع فيها شيئا .

                                                                          وسئل الزهري عن رجل يقرأ في رمضان في المصحف ، فقال : كان خيارنا يقرءون في المصاحف ( و ) لمصل أيضا ( سؤال ) الله الرحمة ( عند ) قراءته ، أو سماعه ( آية رحمة وتعوذ به ) أي : أن يستعيذ بالله ( عند ) مروره على ( آية عذاب

                                                                          و ) له ( نحوهما ) أي : المذكورات ، كالتسبيح عند آية هو فيها ، لحديث حذيفة قال : [ ص: 212 ] { صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فافتتح البقرة ، فقلت : يركع عند المائة ، ثم مضى - إلى أن قال - إذا مر بآية فيها تسبيح سبح ، وإذا مر بسؤال سأل ، وإذا مر بتعوذ تعوذ } مختصر .

                                                                          رواه مسلم ، ولأنه دعاء بخير ، فاستوى فيه الفرض والنفل ( و ) لمصل ، أيضا ( رد السلام إشارة ) لحديث ابن عمر وأنس أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يشير في الصلاة } حديث أنس رواه الدارقطني وأبو داود ، وحديث ابن عمر رواه الترمذي

                                                                          وقال : حسن صحيح . فإن رده المصلي لفظا بطلت ، ولا يرده في نفسه ، بل يستحب بعدها ، وظاهر ما سبق : لو صافح إنسانا يريد السلام لم تبطل . ولا بأس بالإشارة في الصلاة باليد والعين ، لما تقدم ، ولا بالسلام على المصلي .

                                                                          ( و ) له أيضا ( قتل حية وعقرب وقملة ) لأنه صلى الله عليه وسلم { أمر بقتل الأسودين في الصلاة : الحية والعقرب } رواه أبو داود والترمذي

                                                                          وقال : حسن صحيح وابن عمر . وأنس : كانا يقتلان القملة فيها . قال القاضي : والتغافل عنه أولى ، وإذا قتلها في المسجد دفنها ، أو أخرجها .

                                                                          ( و ) له أيضا ( لبس عمامة وثوب ) لحديث وائل بن حجر أنه صلى الله عليه وسلم { التحف بإزاره وهو في الصلاة } ( ما لم يطل ) ولا يتقيد الجائز منه بثلاث ولا بغيرها من العدد ; لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم في { فتحه الباب لعائشة } وغيره ، ظاهره زيادته على الثلاث . كتأخره حتى تأخر الرجال فانتهوا إلى صف النساء .

                                                                          وكذلك مشى أبي برزة مع دابته ، ولأن التقدير : بابه التوقيف ، وهذا لا توقيف فيه . فإن طال عرفا وتوالى أبطل الصلاة عمده وسهوه وجهله ، إلا لضرورة . ويأتي ، فإن لم تكن ضرورة واحتاج إليه قطع الصلاة ، وفعله ،

                                                                          ثم استأنفها ( و ) لمأموم ( فتح على إمامه إذا أرتج ) بتخفيف الجيم ، أي : التبس عليه ( ، أو غلط ) في الفرض والنفل ، روي عن عثمان وعلي وابن عمر رضي الله عنهم ، لحديث ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { صلى صلاة فلبس عليه ، فلما انصرف قال لأبي : أصليت معنا ؟ قال : نعم قال : فما منعك أن تنبه علينا } رواه أبو داود .

                                                                          قال الخطابي : إسناده جيد ، وكالتنبيه بالتسبيح ( ويجب ) فتحه على إمامه إذا أرتج عليه ، أو غلط ( في الفاتحة ، كنسيان إمامه سجدة ) فيلزمه تنبيهه عليها لتوقف صحة صلاته عليه . قال في الشرح : وإن عجز عن إتمام الفاتحة فسدت صلاته ،

                                                                          صححه الموفق ، لقدرته على الصلاة بها كالأمي يقدر [ ص: 213 ] على تعلمها قبل خروج الوقت ، فإن كان إماما فله أن يستخلف من يصلي بهم ، وكذا لو عجز في أثناء الصلاة عن ركن يمنع الائتمام به كالركوع ، فإنه يستخلف من يتم بهم ، ويكره فتح مصل على غير إمامه

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية