الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويسن أن ) تخرج يوم العيد لا قبله وأن يكون إخراجها قبل صلاته وهو قبل الخروج إليها من بيته أفضل للأمر الصحيح به وأن ( لا تؤخر عن صلاته ) بل يكره ذلك للخلاف القوي في الحرمة حينئذ . وقد صرحوا بأن الخلاف في الوجوب يقتضي كراهة الترك فهو في الحرمة يقتضي كراهة الفعل وبما قررته أن الكلام في مقامين ندب الإخراج قبل الصلاة وإلا فخلاف الأفضل وندب عدم التأخير عنها وإلا فمكروه وإن كلام المتن إنما هو في الثاني يندفع الاعتراض عليه بأنه يوهم ندب إخراجها مع الصلاة ووجه اندفاعه ما تقرر أن إخراجها معها من جملة المندوب وإن كان الأفضل إخراجها قبلها فما أوهمه صحيح من حيث مطلق الندبية من غير نظر إلى خصوص الأفضلية التي توهمها المعترض وإن تبعه شيخنا فجرى على أن إخراجها معها غير مندوب وألحق الخوارزمي كشيخه البغوي ليلة العيد بيومه ووجه بأن الفقراء يهيئونها لغدهم فلا يتأخر أكلهم عن غيرهم [ ص: 309 ] قال الإسنوي وإناطة ذلك بالصلاة للغالب من فعلها أول النهار فلو أخرت عنه سن إخراجها أوله ليتسع الوقت للفقراء نعم يسن تأخيرها عنها لانتظار قريب أو جار ما لم يخرج الوقت ا هـ ( ويحرم تأخيرها عن يومه ) بلا عذر كغيبة مال أو مستحق لفوات المعنى المقصود وهو إغناؤهم عن الطلب في يوم السرور ويجب القضاء فورا لعصيانه بالتأخير ومنه يؤخذ أنه لو لم يعص به لنحو نسيان لا يلزمه الفور وهو ظاهر كنظائره ( تنبيه )

                                                                                                                              ظاهر قولهم هنا كغيبة مال أن غيبته مطلقا لا تمنع وجوبها وفيه نظر كإفتاء بعضهم أنها تمنعه مطلقا أخذا مما في المجموع أن زكاة الفطر إذا عجز عنها وقت الوجوب لا تثبت في الذمة إذ ادعاء أن الغيبة من جملة العجز هو محل النزاع والذي يتجه في ذلك تفصيل يجتمع به أطراف كلامهم وهو أن الغيبة إن كانت لدون مرحلتين لزمته ؛ لأنه حينئذ كالحاضر لكن لا يلزمه الاقتراض بل له التأخير إلى حضور المال وعلى هذا يحمل قولهم كغيبة مال أو لمرحلتين فإن قلنا بما رجحه جمع متأخرون أنه يمنع أخذ الزكاة ؛ لأنه غني كان كالقسم الأول أو بما عليه الشيخان أنه كالمعدوم فيأخذها لم تلزمه الفطرة ؛ لأنه وقت وجوبها فقير معدم ولا نظر لقدرته على الاقتراض لمشقته كما صرحوا به

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله لا قبله ) شامل لليلته وسيأتي ما فيه ( قوله وإن تبعه شيخنا فجرى على أن إخراجها معها غير مندوب ) في الجزم بأنه جرى على ذلك نظر ؛ لأنه قال إن تعبير المنهاج صادق بإخراجها مع الصلاة مع أنه غير مراد ا هـ وهذا يجوز أن يكون بناء على حمله كلام المنهاج على المقام الأول إذ لا مانع من حمله عليه فكونه غير مراد لا ؛ لأنه غير مندوب بل ؛ لأنه خلاف غرضه من إرادة بيان سنية إخراجها قبل الصلاة فليتأمل وفي الناشري تنبيه اعلم أن من العبادات ما يستحب تأخير فعله من أول وقت وجوبه وزكاة الفطر دون ذلك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ووجه إلخ ) قد يقتضي أفضلية الإخراج ليلا [ ص: 309 ] قوله نعم يسن تأخيرها عنها لانتظار قريب أو جار ما لم يخرج الوقت ا هـ ) عبارة الناشري لو أخر الأداء إلى قريب الغروب بحيث يتضيق الوقت فالقياس أنه يأثم بذلك ؛ لأنه لم يحصل الإغناء عن الطلب في ذلك اليوم إلا أن يؤخرها لانتظار قريب أو جار فقياس الزكاة أنه لا يأثم ما لم يخرج الوقت ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بلا عذر كغيبة مال إلخ ) هل من العذر عدم تبين المالك إذا بيع بشرط الخيار لهما أو تأخر قبول الموصى له به ( قوله ويجب القضاء فورا ) قال في شرح الروض فيما إذا أخرها بلا عذر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وهو ظاهر ) نعم إن انحصر المستحقون وطالبوه وجب الفور كما لو طولب الموسر بالدين الحال م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أن تخرج ) إلى قوله للخلاف في المغني وكذا في النهاية إلا قوله لا قبله ( قوله يوم العيد إلخ ) قال القليوبي نعم لو شهدوا بعد الغروب برؤية الهلال بالأمس فإخراجها ليلا أفضل قاله شيخنا كشيخه البرلسي ولو قيل بوجوب إخراجها فيه حينئذ لم يبعد فراجعه انتهى ا هـ كردي على بافضل ( قوله لا قبله ) شامل لليلته وسيأتي ما فيه سم ( قوله وأن يكون إخراجها قبل صلاته ) ولو تعارض عليه الإخراج وصلاة العيد في جماعة هل يقدم الأول أو الثاني فيه نظر ولا يبعد الثاني ما لم تشتد حاجة الفقراء فيقدم الأول فليراجع ع ش وجزم بذلك باعشن ( قوله للأمر الصحيح به ) أي بالإخراج قبل الخروج إلى صلاة العيد نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله بل يكره ذلك ) أي تأخيرها عن الصلاة إلى آخر يوم العيد مغني ونهاية وشيخنا ( قوله فهو ) أي الخلاف ( قوله وبما قررته إلخ ) متعلق بقوله يندفع إلخ كردي ( قوله ندب الإخراج إلخ ) أي الأول ندب إلخ ( قوله وإلا ) أي بأن أخرجها مع الصلاة ( قوله وندب عدم التأخير إلخ ) أي والثاني ندب عدم التأخير إلخ الشامل للمعية ( قوله وأن كلام المتن إلخ ) عطف على قوله أن الكلام إلخ و ( قوله عليه ) أي على المتن كردي ( قوله بأنه يوهم ندب إخراجها مع الصلاة ) أي وظاهر الحديث يرده مغني ( قوله ما تقرر ) أي ما يفهم مما تقرر كردي .

                                                                                                                              ( قوله فما أوهمه ) أي المتن من أن إخراجها مع الصلاة مندوب ( قوله التي توهمها ) صفة الأفضلية ( قوله وإن تبعه شيخنا إلخ ) أي والمغني ( قوله فجرى على أن إخراجها معها غير مندوب ) في الجزم بأنه جرى على ذلك نظر ؛ لأنه قال إن تعبير المنهاج صادق بإخراجها مع الصلاة مع أنه غير مراد ا هـ وهذا يجوز أن يكون بناء على حمله كلام المنهاج على المقام الأول إذ لا مانع من حمله عليه فكونه غير مراد لا ؛ لأنه غير مندوب بل ؛ لأنه خلاف غرضه من إرادة بيان سنية إخراجها قبل الصلاة سم .

                                                                                                                              ( قوله وألحق الخوارزمي إلخ ) وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يخرجها قبل العيد بيوم أو يومين فتح الودود ( قوله ووجه إلخ ) قد يقتضي أفضلية الإخراج ليلا سم أي [ ص: 309 ] من الإخراج نهارا ( قوله قال الإسنوي ) إلى قوله ومنه يؤخذ في النهاية والمغني ( قوله وإناطة ذلك ) إلى قوله نعم جزم بذلك النهاية والمغني بلا عزو ( قوله وإناطة ذلك إلخ ) أي إخراج الفطرة كردي أي قولهم يسن الإخراج قبل الصلاة ( قوله نعم يسن إلخ ) عبارة النهاية وسيأتي في زكاة المال التأخير لانتظار نحو قريب وجار أفضل فيأتي مثله هنا ما لم يؤخرها عن يوم الفطر ا هـ ع ش .

                                                                                                                              وقياس ما يأتي أنه لو أخر هنا لغرض من هذه ثم تلف المال استقرت في ذمته لما يأتي ثم إن التأخير مشروط بسلامة العاقبة ا هـ ( قوله بلا عذر ) وليس من العذر انتظار الأحوج ع ش قال سم هل من العذر عدم تبين المالك إذا بيع بشرط الخيار لهما أو تأخر قبول الموصى له به ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كغيبة مال إلخ ) أي لا كانتظار نحو قريب كجار وصالح فلا يجوز تأخيرها عنه لذلك بخلاف زكاة المال فإنه يجوز تأخيرها له إن لم يشتد ضرر الحاضرين شيخنا ( قوله أو مستحق ) ينبغي أن يكون المراد أنهم في محل يحرم نقل الزكاة إليه حلبي ا هـ بجيرمي ( قوله تأخيرها عنها ) أي تأخير الفطرة عن الصلاة كردي .

                                                                                                                              ( قوله ويجب القضاء إلخ ) قال في المجموع وظاهر كلامهم أن زكاة المال المؤخرة عن التمكن تكون أداء والفرق أن الفطرة مؤقتة بزمن محدود كالصلاة مغني ونهاية ( قوله فورا ) قال في شرح الروض فيما إذا أخرها بلا عذر انتهى ا هـ سم ( قوله وهو ظاهر إلخ ) نعم إن انحصر المستحقون وطالبوه وجب الفور كما لو طولب الموسر بالدين الحال م ر ا هـ سم ( قوله تنبيه إلخ ) وفي ع ش عقب حكاية هذا التنبيه بتمامه ما نصه وقضية اقتصار الشارح م ر على كون الغيبة عذرا في جواز التأخير أن المعتمد عنده م ر الوجوب مطلقا وإنما اغتفر له جواز التأخير لعذره بالغيبة ا هـ .

                                                                                                                              وقوله وقضية اقتصار الشارح إلخ أي والمنهج والمغني ( قوله مطلقا ) أي سواء كان لمرحلتين أو دونها ع ش ( قوله إذا دعا إلخ ) علة لقوله كإفتاء بعضهم إلخ وتوجيه للنظر في ذلك الإفتاء ( قوله أو لمرحلتين إلخ ) عطف على قوله لدون مرحلتين ( قوله كان كالقسم الأول ) أي تلزمه الفطرة مع جواز التأخير إلى حضور المال




                                                                                                                              الخدمات العلمية