الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر استيلاء تتش على حمص ، وغيرها من ساحل الشام لما كان السلطان ببغداذ قدم إليه أخوه تاج الدولة تتش من دمشق ، وقسيم الدولة آقسنقر من حلب ، وبوزان من الرها ، فلما أذن لهم السلطان في العود إلى بلادهم أمر قسيم الدولة وبوزان أن يسيرا مع عساكرهما في خدمة أخيه تاج الدولة ، حتى يستولي على ما للخليفة المستنصر العلوي ، بساحل الشام ، من البلاد ، ويسير ، وهم معه ، إلى مصر ليملكها .

فساروا أجمعون إلى الشام ، ونزل على حمص ، وبها ابن ملاعب صاحبها ، [ ص: 353 ] وكان الضرر به ، وبأولاده عظيما على المسلمين ، فحصروا البلد ، وضيقوا على من به ، فملكه تاج الدولة ، وأخذ ابن ملاعب وولديه ، وسار إلى قلعة عرقة فملكها عنوة ، وسار إلى قلعة أفامية فملكها أيضا ، وكان بها خادم للمصري ، فنزل بالأمان فأمنه ، ثم سار إلى طرابلس فنازلها ، فرأى صاحبها جلال الملك بن عمار جيشا لا يدفع إلا بحيلة ، فأرسل إلى الأمراء الذين مع تاج الدولة ، وأطمعهم ليصلحوا حاله ، فلم ير فيهم مطمعا .

وكان مع قسيم الدولة آقسنقر وزير له اسمه زرين كمر ، فراسله ابن عمار فرأى عنده لينا ، فأتحفه ، وأعطاه ، فسعى مع صاحبه قسيم الدولة في إصلاح حاله ليدفع عنه ، وحمل له ثلاثين ألف دينار ، وتحفا بمثلها ، وعرض عليه المناشير التي بيده من السلطان بالبلد ، والتقدم إلى النواب بتلك البلاد بمساعدته ، والشد معه ، والتحذير من محاربته ، فقال آقسنقر لتاج الدولة تتش : لا أقاتل من هذه المناشير بيده ، فأغلظ له تاج الدولة ، وقال : هل أنت إلا تابع لي ؟ فقال آقسنقر : أنا أتابعك إلا في معصية السلطان ، ورحل من الغد عن موضعه ، فاضطر تاج الدولة إلى الرحيل ، فرحل غضبان ، وعاد بوزان أيضا إلى بلاده ، فانتقض هذا الأمر .

التالي السابق


الخدمات العلمية