الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن لم يجده أجل لإثبات عسره ثلاثة أسابيع ، [ ص: 430 ] ثم تلوم بالنظر ، وعمل بسنة وشهر [ ص: 431 ] وفي التلوم لمن لا يرجى وصحح وعدمه : تأويلان ، ثم طلق عليه

التالي السابق


( وإن ) دعت زوجها للدخول بها وطلبت حال الصداق ف ( لم يجده ) أي الزوج الصداق غير المعين الذي لها الامتناع من الدخول حتى تقبضه ، وادعى العدم ، ولم تصدقه ولم يثبت ببينة وليس له مال ظاهر ( أجل ) بضم الهمز وكسر الجيم مشددة أي الزوج أي أمهله الحاكم ( لإثبات عسرته ) بضم العين المهملة وسكون السين المهملة ، أي فقر الزوج فيؤجل ( ثلاثة أسابيع ) ظاهره دفعة واحدة ، والذي في المتيطي وابن عرفة يؤجل بثمانية أيام ثم بستة أيام ثم بأربعة ثم بثلاثة أيام .

ابن عرفة ليس هذا التحديد بلازم وإنما هو استحسان لاتفاق قضاة قرطبة وغيرهم عليه ، وهو موكول لاجتهاد الحاكم فإن كان الصداق معينا فسيأتي ، وإن كان له مال ظاهر أخذ المهر منه جبرا عليه ، وأمر بالبناء من غير تأجيل ، وهذا إن لم يدخل بها فإن كان دخل بها فليس لها إلا المطالبة ، ولا يطلق عليه بإعساره به على المذهب ، ولتأجيله ثلاثة شروط ، الأول : أن يأتي بحميل وجه خشية تغيبه وإلا سجن كسائر الديون ، ولا يلزمه [ ص: 430 ] حميل بالمال وإن طلبته بلا تأجيل فلا يلزمه وتترك ، وقعت الفتوى بهذا ، ووافق عليها ابن رشد قاله البرزلي . الثاني : أن لا يغلب على الظن عسره . الثالث : أن يجري النفقة عليها من يوم دعائه للدخول وإلا فلها الفسخ بلا تأجيل على الراجح . قال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه ولا يحسب اليوم الذي يكتب فيه الأجل . المصنف لا يبعد أن يختلف فيه كالعهدة والكراء .

( ثم ) إذا ثبت عسره أو صدقته فيه ( تلوم ) بضم المثناة واللام وكسر الواو مشددة أي زيد له في الأجل ( بالنظر ) أي الاجتهاد من الحاكم ، فإن لم يثبت عسره في الأسابيع الثلاثة ولم تصدقه فقد سكتوا عن حكمه والظاهر حبسه إن جهل حاله ليستبرأ أمره قاله الحط وهو موافق لقول المصنف في الفلس ، وحبس لثبوت عسره إن جهل حاله ولم يسأل الصبر له بحميل بوجهه ، ثم قال وأخرج المجهول إن طال سجنه بقدر الدين والشخص . ا هـ . فيجري مثله هنا بل أولى ، لكن يتجه حينئذ أن يقال ما وجه تحديدهم مدة إثبات العسر بثلاثة أسابيع ، ثم إن لم يثبت فيها حبس إلى أن يستبرأ أمره وعدم جريان مثله في المدين ا هـ .

وجوابه أن النكاح مبني على المكارمة فيكارم الزوج بتأجيله بثلاثة أسابيع قبل حبسه مع جهل حاله ، وأما ظاهر الملأ فيحبس إلى أن يأتي ببينة تشهد بعسره حيث لم تطل المدة ، بحيث لا يحصل لها ضرر بذلك وإلا طلقت نفسها ، ومعلوم الملأ يعطيها أو تطلق عليها لبينة بذهاب ما كان بيده فيهمل مدة لا ضرر عليها فيها ا هـ عب . البناني في جوابه نظر فقد مر له نفسه أنه إن لم يعط حميلا بالوجه يحبس في الأسابيع الثلاثة وما بعدها ، وهو الذي في التوضيح وابن عرفة عن المتيطي ، ونقله الحط ، وحينئذ فلا فرق بين الزوج والمدين .

( وعمل ) بضم فكسر عند الموثقين في التلوم ( بسنة وشهر ) ابن عرفة المتيطي وابن فتوح يؤجل أولا ستة أشهر ، ثم أربعة ، ثم شهرين ، ثم يتلوم له بثلاثين يوما ، فإن أتى [ ص: 431 ] بشيء وإلا عجزه ، وإنما حددنا التأجيل بثلاثة عشر شهرا استحسانا ( وفي ) وجوب ( التلوم لمن ) ثبت عسره و ( لا يرجى ) يساره لأن الغيب قد يكشف عن العجائب وهذا تأويل الأكثر ( وصحح ) بضم فكسر مثقلا أي التلوم لمن لا يرجى يسره به أي صوبه المتيطي وعياض .

( وعدمه ) أي التلوم لمن لا يرجى فيطلق عليه ناجزا وتأول فضل المدونة عليه ( تأويلان ثم ) بعد انقضاء الأجل وظهور العجز ( طلق ) بضم فكسر مثقلا ( عليه ) أي الزوج بأن يطلق الحاكم أو الزوجة ثم يحكم الحاكم بلزومه ، فإن طلق عليه بلا تلوم فالظاهر صحته .




الخدمات العلمية