الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أخرج ابن أبي حاتم عن عطاء فإذا قضيتم مناسككم قال : حجكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن مجاهد في قوله فإذا قضيتم مناسككم قال : إهراقه الدماء فاذكروا الله كذكركم آباءكم قال : تفاخرت العرب بينها بفعال آبائها يوم النحر حين يفرغون فأمروا بذكر الله مكان ذلك [ ص: 445 ] وأخرج البيهقي في « الشعب »عن ابن عباس قال : كان المشركون يجلسون في الحج فيذكرون أيام آبائهم وما يعدون من أنسابهم يومهم أجمع فأنزل الله على رسوله في الإسلام فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه والضياء في « المختارة » عن ابن عباس قال : كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم يقول الرجل منهم : كان أبي يطعم ويحمل الحملات ويحمل الديات ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم فأنزل الله فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن عبد الله بن الزبير قال : كانوا إذا فرغوا من حجهم تفاخروا بالآباء فأنزل الله فاذكروا الله كذكركم آباءكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن مجاهد قال : كانوا إذا قضوا مناسكهم وقفوا عند الجمرة فذكروا آباءهم وذكروا أيامهم في الجاهلية وفعال آبائهم فنزلت هذه الآية [ ص: 446 ] وأخرج الفاكهي عن أنس قال : كانوا في الجاهلية يذكرون آباءهم فيقول أحدهم : كان أبي يطعم الطعام ، ويقول الآخر : كان أبي يضرب بالسيف ، ويقول الآخر : كان أبي يجز النواصي ، فنزلت فاذكروا الله كذكركم آباءكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج وكيع ، وابن جرير عن سعيد بن جبير وعكرمة قالا : كانوا يذكرون فعل آبائهم في الجاهلية إذا وقفوا بعرفة فنزلت فاذكروا الله كذكركم آباءكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج وكيع ، وعبد بن حميد عن عطاء قال : كان أهل الجاهلية إذا نزلوا منى تفاخروا بآبائهم ومجالسهم فقال هذا : فعل أبي كذا وكذا ، وقال هذا : فعل أبي كذا وكذا ، فذلك قوله فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح في قوله فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا قال : هو قول الصبي أول ما يفصح في الكلام أبه أمه وأخرج ابن جرير عن ابن عباس كذكركم آباءكم يقول كما يذكر الأبناء الآباء [ ص: 447 ] وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس ، أنه قيل له : قول الله كذكركم آباءكم إن الرجل ليأتي عليه اليوم وما يذكر أباه قال : إنه ليس بذاك ولكن يقول : تغضب لله إذا عصي أشد من غضبك إذا ذكر والدك بسوء .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية