الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويقبل قوله إن ادعاه ) وأنكرته [ ص: 370 ] ( في ظاهر المروي ) عن صاحب المذهب ( وقيل لا ) يقبل إلا ببينة ( وعليه الاعتماد ) والفتوى احتياطا لغلبة الفساد خانية ، وقيل إن عرف بالصلاح فالقول له

التالي السابق


مطلب فيمن لو ادعى الاستثناء وأنكرته الزوجة . ( قوله ويقبل قوله إلخ ) قال الخير الرملي في حواشي المنح : لم يذكر أهو بيمينه وكذلك صاحب البحر والنهر والكمال ، ولم أره لأحد ، وينبغي على ما هو المعتمد أن يكون بيمينه إذا أنكرته الزوجة ، وأما إذا لم تنكره فلا يمين عليه اللهم إلا إذا اتهمه القاضي . ا هـ . ( قوله إن ادعاه وأنكرته ) أي ادعى الاستثناء ، ومثله الشرط كما في الفتح وغيره . وقيد بإنكارها لأنه محل الخلاف إذ لو لم يكن له منازع فلا إشكال في أن القول قوله كما صرح به في الفتح .

قلت : لكن في التتارخانية عن الملتقط إذا سمعت المرأة الطلاق ولم تسمع الاستثناء لا يسعها أن تمكنه من الوطء ا هـ أي فيلزمها منازعته إذا لم تسمع .

قال في البحر : ولو شهدوا بأنه طلق أو خالع بلا استثناء أو شهدوا بأنه لم يستثن تقبل ، وهذا مما تقبل فيه البينة على النفي لأنه في المعنى أمر وجودي لأنه عبارة عن ضم الشفتين عقيب التكلم بالموجب ، وإن قالوا طلق [ ص: 370 ] ولم نسمع منه غير كلمة الخلع والزوج يدعي الاستثناء فالقول له لجواز أنه قاله ولم يسمعوه والشرط سماعه لا سماعهم على ما عرف في الجامع الصغير . ا هـ .

قال في النهر عقبه : وفي فوائد شمس الإسلام لا يقبل قوله ، وفي الفصول وهو الصحيح . ا هـ .

قلت : وكذا لا يقبل قوله إذا ظهر منه دليل صحة الخلع كقبض البدل أو نحوه كما في جامع الفصولين . قال في التتارخانية : والمراد ذكر البدل لا حقيقة الأخذ ، فعلى هذا إذا ذكر البدل وقت الطلاق والخلع لا يصدق قضاء في دعوى الاستثناء . ا هـ . ( قوله وقيل لا يقبل إلخ ) قالالخير الرملي أقول : حيثما وقع خلاف وترجيح لكل من القولين فالواجب الرجوع إلى ظاهر الرواية لأن ما عداها ليس مذهبا لأصحابنا . وأيضا كما غلب الفساد في الرجال غلب في النساء ، فقد تكون كارهة له فتطلب الخلاص منه فتفتري عليه فيفتي المفتي بظاهر الرواية الذي هو المذهب ويفوض باطن الأمر إلى الله تعالى ، فتأمل وأنصف من نفسك ا هـ .

قلت : الفساد وإن كان في الفريقين لكن أكثر العوام لا يعرفون أن الاستثناء مبطل لليمين ، وإنما يعلمه ذلك حيلة بعض من لا يخاف الله تعالى وأيضا فإن دعوى الزوج خلاف الظاهر فإنه بدعوى الاستثناء يدعي إبطال الموجب بعد الاعتراف به ، بخلاف ما مر من أن القول قوله في وجود الشرط كدخولها الدار مثلا ، فإنه بعد قوله إن دخلت الدار فأنت طالق لم ينعقد الموجب للطلاق إلا بعد وجود الدخول وهو ينكره والظاهر يشهد له أما هنا فالظاهر خلاف قوله وإذا عم الفساد ينبغي الرجوع إلى الظاهر . قال في الفتح : نقل نجم الدين النسفي عن شيخ الإسلام أبي الحسن أن مشايخنا أجابوه في دعوى الاستثناء في الطلاق في أن لا يصدق الزوج إلا ببينة لأنه خلاف الظاهر وقد فسد حال الناس . ا هـ . ( قوله وقيل إن عرف بالصلاح إلخ ) قائله صاحب الفتح حيث قال عقب ما نقلناه عنه آنفا ، والذي عندي أن ينظر ، فإن كان الزوج معروفا بالصلاح والشهود لا يشهدون على النفي ينبغي أن يؤخذ بما في المحيط من عدم الوقوع تصديقا له ، وإن عرف بالفسق أو جهل حاله فلا لغلبة الفساد في هذا الزمان ا هـ

قلت : ولا يخفى أن هذا تحقيق للقول الثاني المفتى به لأن المشايخ عللوه بفساد الزمان : أي فيكون الزوج متهما ، وإذا كان صالحا تنتفي التهمة فيقبل قوله فلا يكون هذا قولا ثالثا فتدبر




الخدمات العلمية