الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        1328 حدثنا قتيبة حدثنا جرير بن عبد الحميد حدثنا حصين بن عبد الرحمن عن عمرو بن ميمون الأودي قال رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال يا عبد الله بن عمر اذهب إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقل يقرأ عمر بن الخطاب عليك السلام ثم سلها أن أدفن مع صاحبي قالت كنت أريده لنفسي فلأوثرنه اليوم على نفسي فلما أقبل قال له ما لديك قال أذنت لك يا أمير المؤمنين قال ما كان شيء أهم إلي من ذلك المضجع فإذا قبضت فاحملوني ثم سلموا ثم قل يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت لي فادفنوني وإلا فردوني إلى مقابر المسلمين إني لا أعلم أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض فمن استخلفوا بعدي فهو الخليفة فاسمعوا له وأطيعوا فسمى عثمان وعليا وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وولج عليه شاب من الأنصار فقال أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله كان لك من القدم في الإسلام ما قد علمت ثم استخلفت فعدلت ثم الشهادة بعد هذا كله فقال ليتني يا ابن أخي وذلك كفافا لا علي ولا لي أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين خيرا أن يعرف لهم حقهم وأن يحفظ لهم حرمتهم وأوصيه بالأنصار خيرا الذين تبوءوا الدار والإيمان أن يقبل من محسنهم ويعفى عن مسيئهم وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يوفى لهم بعهدهم وأن يقاتل من ورائهم وأن لا يكلفوا فوق طاقتهم

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( رأيت عمر بن الخطاب قال : يا عبد الله بن عمر ) هذا طرف من حديث طويل سيأتي في مناقب عثمان ، وزاد فيه : وقل : يقرأ عليك عمر السلام ، ولا تقل : أمير المؤمنين " وفي أوله قدر ورقة في سياق مقتله ، وفي آخره قدر صفحة في قصة بيعة عثمان . قال ابن التين . قول عائشة في قصة عمر : كنت أريده لنفسي " يدل على أنه لم يبق ما يسع إلا موضع قبر واحد ، فهو يغاير قولها عند وفاتها : لا تدفني عندهم ، فإنه يشعر بأنه بقي من البيت موضع للدفن . والجمع بينهما : أنها كانت أولا تظن أنه لا يسع إلا قبرا واحدا ، فلما دفن [ ص: 304 ] ظهر لها أن هناك وسعا لقبر آخر ، وسيأتي الكلام عليه مستوفى هناك ، إن شاء الله تعالى . قال ابن بطال : إنما استأذنها عمر لأن الموضع كان بيتها ، وكان لها فيه حق ، وكان لها أن تؤثر به على نفسها ، فآثرت عمر . وفيه الحرص على مجاورة الصالحين في القبور طمعا في إصابة الرحمة إذا نزلت عليهم ، وفي دعاء من يزورهم من أهل الخير . وفي قول عمر : قل : يستأذن عمر ، فإن أذنت . أن من وعد عدة جاز له الرجوع فيها ، ولا يلزم بالوفاء . وفيه أن من بعث رسولا في حاجة مهمة أن له أن يسأل الرسول قبل وصوله إليه ، ولا يعد ذلك من قلة الصبر ، بل من الحرص على الخير ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية