الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ومن جامع في يومين لزمه كفارتان ) سواء أكفر عن الأول قبل الثاني أم لا لأن كل يوم عبادة منفردة فلا تتداخل كفارتاهما كحجتين جامع فيهما ، بخلاف الحدود المبنية على الإسقاط فإن تكرر الجماع في يوم واحد فلا تعدد وإن كان لأربع زوجات على المذهب .

                                                                                                                            أما على القول بوجوب الكفارة عليهما ويتحملها فعليه في هذه الصورة أربع كفارات ( وحدوث السفر ) ولو طويلا ( بعد الجماع لا يسقط الكفارة ) لأن السفر لا ينافي الصوم فيتحقق هتك حرمته ، ولأن طروه لا يبيح الفطر فلا يؤثر فيما وجب من الكفارة ( وكذا المرض ) على المذهب لهتكه حرمة

                                                                                                                            [ ص: 204 ] الصوم بذلك ، والثاني تسقط لأن حدوث المرض يبيح الفطر فيتبين به أن الصوم لم يقع واجبا ، ومثل طرو المرض والسفر الردة ، فلو ارتد بعد جماعه في يومه لم تسقط عنه الكفارة بلا خلاف كما في المجموع ، ولعل وجهه التغليظ عليه فلا يناسبه التخفيف وتسقط إذا جن أو مات يوم الجماع لأنه بطرو ذلك بان أنه لم يكن في صوم لمنافاته له ، ولو سافر يوم الجمعة ثم طرأ عليه جنون أو موت فالظاهر أيضا سقوط الإثم . قال الناشري : ينبغي أن لا يسقط عنه إثم ترك الجمعة وإن سقط عنه إثم عدم الإتيان بها كما إذا وطئ زوجته ظانا أنها أجنبية وما ذكره ظاهر

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وحدوث السفر ) لو حدث وصوله إلى محل مختلف المطلع مع محله فوجد أهله معيدين عيد معهم وسقطت عنه الكفارة ، كما أفتى به شيخنا الشهاب الرملي لتبين عدم وجوب صوم ذلك اليوم عليه بل عدم جوازه ا هـ . فلو عاد لمحله في بقية اليوم فهل يتبين وجوب الكفارة لأنها إنما كانت سقطت لصيرورته من أهل المحل المنتقل إليه بوصوله إليه وقد لغا ذلك بعوده في يومه إلى محله ، إذ قد يتبين بعوده إليه أنه لم يخرج عن حكمه ومجرد الوصول إلى المنتقل إليه مع عدم استكماله ذلك اليوم فيه لا يصلح شبهة لسقوط الكفارة

                                                                                                                            [ ص: 204 ] مع تعديه الإفساد أو لا ؟ فيه نظر ، ولعل الأقرب الأول . ولو بيت النية ليلة الثلاثين لعدم ثبوت هلال شوال وأصبح صائما فثبت شوال نهارا ، ثم انتقل إلى محل آخر مخالف للأول في المطلع ، أهله صيام من غير تناول مفطر قبل وصوله إليه فهل يحسب له صوم هذا اليوم لأنه بانتقاله إليه صار واجبه الصوم وقد شرع فيه بنية معتبرة وثبوت شوال قبل انتقاله لا يفسد نيته وصومه لزوال أثر الثبوت في حقه بانتقاله أو لا ؟ فيه نظر ، ولا يبعد الأول ا هـ سم على شرح البهجة ( قوله : لم تسقط الكفارة بلا خلاف ) أي وإن اتصل بها الجنون فيما يظهر ا هـ سم على بهجة ( قوله : لمنافاته له ) بقي ما لو شرب دواء ليلا يعلم أنه يجننه في النهار ثم أصبح صائما ثم جامع ثم حصل الجنون من ذلك الدواء فهل تسقط الكفارة لما ذكره الشارح أو لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول لأنه لم يكن مخاطبا بالصوم حين التعاطي . وبقي ما لو تعدى بالجنون نهارا بعد الجماع كأن ألقى نفسه من شاهق فجن بسببه هل تسقط الكفارة أو لا ؟ فيه نظر ، والأقرب فيه أيضا سقوط الكفارة لأنه وإن تعدى به لم يصدق عليه أنه أفسد صوم يوم لأنه بجنونه خرج عن أهلية الصوم وإن أثم بالسبب الذي صار به مجنونا ( قوله : وما ذكره ) أي الناشري



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : أما على القول بوجوب الكفارة عليها ويتحملها ) يعني القول الثاني ، ووجهه كما في الروضة عن صاحب المعاياة أن واحدة عن وطئه الأول عنه وعنها وثلاثا عن الباقيات لأنها لا تتبعض إلا في موضع يوجب تحمل الباقي . قال : ويلزمه على القول الثالث خمس كفارات كفارتان عنه وعنها بالوطء الأول : أي والثلاث عن الباقيات




                                                                                                                            الخدمات العلمية