الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 337 ] ( ولا يمنع الدين ) الذي في ذمة من بيده نصاب فأكثر مؤجلا أو حالا لله تعالى أو لآدمي ( وجوبها ) عليه ( في أظهر الأقوال ) لإطلاق النصوص الموجبة لها ولأنه مالك لنصاب نافذ التصرف فيه ولو زاد المال على الدين بنصاب وجبت زكاته قطعا كما لو كان له ما يوفيه غير ما بيده والثاني يمنع مطلقا ( والثالث يمنع في المال الباطن وهو النقد ) المضروب وغيره ومنه الركاز ( والعرض ) وزكاة الفطر وحذفها ؛ لأن الكلام في زكاة المال لا البدن ولما تكلموا على ما يشملها ولو بطريق القياس وهو أن له أن يؤدي بنفسه زكاة المال الباطن ذكروها فلا اعتراض عليه خلافا لما وقع للإسنوي دون الظاهر وهو المواشي والزروع والثمار والمعادن ولا ترد هذه على قوله النقد ؛ لأنها لا تسمى نقدا إلا بعد التخليص من التراب ونحوه ؛ لأنه ينمو بنفسه بخلاف الباطن ( فعلى الأول ) الأظهر ( لو حجر عليه لدين فحال الحول في الحجر فكمغصوب ) ؛ لأن الحجر لما منع من التصرف كان حائلا بينه وبين ماله فإن عاد له المال بإبراء أو نحوه أخرج لما مضى وإلا فلا هذا إن لم يعين القاضي لكل غريم عينا ويمكنه من أخذها على ما يقتضيه التقسيط فإن فعل ولم يتفق الأخذ حتى حال الحول فلا زكاة قطعا لضعف الملك حينئذ وقيده السبكي والإسنوي بما إذا كان ما عينه لكل من جنس دينه وإلا فكيف يمكنه من غير جنسه من غير بيع أو تعويض وهو متجه وإن اعترضه الأذرعي ( تنبيه )

                                                                                                                              مقتضى ما ذكر أنه لا زكاة وإن لم يأخذوه وينافيه ما يأتي في الأجرة أنه يتبين [ ص: 338 ] الاستقرار بتبين الوجوب وقد يفرق بأن المانع ثم عدم الاستقرار المقتضي للضعف وقد بان زواله والمانع هنا تعلق حقهم به المقتضي للضعف أيضا وبعدم أخذهم له بعد الحول لا يرتفع ذلك التعلق من أصله وإنما المرتفع استمراره فالضعف موجود إلى آخر الحول أخذوا أو تركوا فتأمله

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 337 ] قوله ولما تكلموا على ما يشملها وهو إلخ ) كيف يشملها هذا مع قولهم فيه زكاة المال الباطن ( قوله دون الظاهر وهو إلخ ) والأوجه إلحاق دين الضمان بالإذن بباقي الديون شرح م ر ( قوله فلا زكاة قطعا ) عبارة شرح الروض فلا زكاة فيه عليهم لعدم ملكهم ولا على المالك لضعف ملكه وكونهم أحق به وهو ظاهر فيما إذا أخذوه بعد الحول فلو تركوه له فينبغي أن يلزمه الزكاة لتبين استقرار ملكه ا هـ وسيأتي في التنبيه ما يتعلق بهذا الأخير ثم قال في شرح الروض ثم عدم لزومها عليه قال السبكي إنه ظاهر إن كان من جنس دينهم وإلا فكيف يمكنهم من أخذه بلا بيع أو تعويض إلخ ا هـ أي فإن لم يكن من جنس دينهم وجبت الزكاة ولا يجب الإخراج إلا عند التمكن ( قوله وقيده السبكي إلخ ) اعتمد ذلك م ر ( قوله تنبيه مقتضى ما ذكر أنه لا زكاة وإن لم يأخذوه إلخ ) والأوجه في شرح م ر عدم الفرق بين أخذهم له بعد الحول وتركهم ذلك ولو تأخر القبول في الوصية حتى حال الحول بعد الموت لم يلزم أحدا زكاتها لخروجها عن ملك الموصي وضعف ملك الوارث والموصى له بعدم استقرار ملكه وإنما لزمت المشتري إذا تم الحول في زمن الخيار وأجيز العقد ؛ لأن وضع البيع على اللزوم وتمام الصيغة وجد فيه من ابتداء الملك بخلاف ما هنا شرح روض .

                                                                                                                              ( قوله وينافيه ما يأتي في الأجرة أنه إلخ ) أقول وينافيه ما تقدم في الحاشية [ ص: 338 ] فيما إذا كان الخيار للمتبايعين ثم فسخ العقد أنه يلزم البائع الزكاة بل قد يقال إن الوجوب هنا أولى للحكم بملك المفلس ظاهرا أيضا اللهم إلا أن يفرق بأن تسلط البائع أقوى من غيره لتمكنه من إبقاء الملك ودفع المشتري عنه بمجرد الفسخ بلفظ أو فعل لا عسر فيه بخلاف المفلس واحترزت بقولي بمجرد الفسخ إلخ عما يقال المفلس متمكن من إبقاء ملكه ودفع الغرماء بنحو الاقتراض وتوفيتهم ؛ لأن ذلك في غاية العسر بل الغالب تعذره فليتأمل ( قوله وقد بان زواله ) عليه منع ظاهر ؛ لأنه بتمام السنة الأولى مثلا في مثال الأجرة الآتي لم يتبين أن العشرين التي هي أجرة تلك السنة كانت قبل التمام مستقرة حتى يقال أنه بان زواله بل العشرون المذكورة موصوفة بعد التمام بكونها قبل التمام كانت غير مستقرة غاية الأمر أن هذا الوصف انقطع بالتمام إلا أنه بالتمام تبين انتفاؤه قبله فهو على وزان ما ذكر في مسألة الحجر من ارتفاع الاستمرار دون الأصل ويمكن أن يفرق بأن المال هنا بصدد أخذ الغرماء له والأجرة ليست بصدد الرجوع للمستأجر بل بصدد الاستقرار



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولا يمنع الدين ) أي وإن استغرق النصاب نهاية .

                                                                                                                              ( قوله الذي ) إلى قوله وإن اعترضه في النهاية وكذا في المغني إلا قوله ولما تكلموا إلى فلا اعتراض وقوله ولا ترد إلى ؛ لأنه ( قوله لله تعالى أو لآدمي ) من جنس المال أم لا والأوجه إلحاق دين الضمان بالإذن بباقي الديون نهاية ومغني قال ع ش إنما قيد م ر بالإذن لقوله الأوجه فإنه حيث لا إذن لا رجوع له بما أداه فالدين الذي ضمنه على غيره حكمه حكم ما لزمه من الديون قطعا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله غير ما بيده ) أي من المال الزكوي نهاية ( قوله والثاني يمنع ) أي كما يمنع وجوب الحج نهاية ( قوله مطلقا ) أي في المال الباطن والمال الظاهر .

                                                                                                                              ( قوله ومنه ) أي من النقد وقال المغني ومن الباطن الركاز ( قوله ولما تكلموا إلخ ) أي في بحث أداء الزكاةكردي وذلك جواب عما قد يقال فلم ذكروها هنا ( قوله على ما يشملها إلخ ) أي زكاة الفطر قال سم كيف يشملها هذا مع قولهم فيه زكاة المال الباطن ا هـ أقول أشار الشارح إلى دفعه بقوله ولو بطريق القياس ( قوله وهو إلخ ) أي ما يشملها وقال الكردي أي التكلم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ذكروها ) أي في تفسير المال الباطن ثم ؛ لأنها منه ثم لا هنا كردي ( قوله فلا اعتراض عليه ) أي على المصنف ( قوله دون الظاهر إلخ ) حال من قول المصنف في المال الباطن ( قوله ولا ترد هذه ) أي المعادن .

                                                                                                                              ( قوله ؛ لأنه إلخ ) علة لما يفهمه قوله دون الظاهر أي يمنع في المال الظاهر ؛ لأنه إلخ ( قوله بخلاف الباطن ) أي فإنه إنما ينمو بالتصرف فيه والدين يمنع من ذلك ويحوج إلى صرفه في قضائه نهاية ومغني ( قوله أو نحوه ) أي كقضاء الغير دينه ( قوله وإلا فلا إلخ ) ولو فرق القاضي ماله بين غرمائه فلا زكاة عليه قطعا لزوال ملكه ولو تأخر القبول في الوصية حتى حال الحول بعد الموت لم يلزم أحدا زكاتها لخروجها عن ملك الموصي وضعف ملك الوارث والموصى له لعدم استقرار ملكه نهاية وأسنى أي ملك كل من الوارث والموصى له أما الوارث فلاحتمال قبول الموصى له وأما الموصى له فلاحتمال عدم قبوله ع ش .

                                                                                                                              ( قوله فلا زكاة قطعا إلخ ) عبارة شرح الروض أي والمغني فلا زكاة فيه عليهم لعدم ملكهم ولا على المالك لضعف ملكه وكونهم أحق به وهو ظاهر فيما إذا أخذوه بعد الحول فلو تركوه له فينبغي أن يلزمه الزكاة لتبين استقرار ملكه ا هـ وسيأتي في التنبيه ما يتعلق بهذا الأخير سم وأشار النهاية إلى رد شرح الروض بما نصه والأوجه عدم الفرق بين أخذهم له بعد الحول وتركهم ذلك أي المال للمحجور عليه خلافا لبعض المتأخرين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وقيده إلخ ) أي عدم لزوم الزكاة في المال المقسط المذكور ( قوله وهو متجه ) اعتمد ذلك م ر ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله مقتضى ما ذكر ) أي قوله هذا إذا لم يعين القاضي إلخ ( أنه لا زكاة وإن لم يأخذوه ) تقدم عن [ ص: 338 ] النهاية اعتماده وعن الأسنى والمغني اعتماد خلافه ( قوله ثم ) أي في الأجرة ( قوله وقد بان زواله ) عليه منع ظاهر ؛ لأنه بتمام السنة الأولى مثلا في مثال الأجرة الآتي لم يتبين أن العشرين التي هي أجرة تلك السنة كانت قبل التمام مستقرة حتى يقال أنه بان زواله بل العشرون المذكورة موصوفة بعد التمام بكونها قبل التمام كانت غير مستقرة غاية الأمر أن هذا الوصف انقطع بالتمام ؛ لأنه بالتمام تبين انتفاؤه قبله فهو على وزان ما ذكر في مسألة الحجر من ارتفاع الاستمرار دون الأصل ويمكن أن يفرق بأن المال هنا بصدد أخذ الغرماء له والأجرة ليست بصدد الرجوع للمستأجر بل بصدد الاستقرار سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية