الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ويصح ) أي : يجب ( مسح دوائر عمامة ) أما صحة المسح على العمامة فلما تقدم ، وأما كون الواجب مسح أكثرها : فلأنها ممسوحة على وجه البدل ، فأجزأ فيها ذلك كالخف ، واختص ذلك بأكوارها وهي دوائرها ( دون وسطها ) ; لأنه يشبه أسفل الخف ، وإنما يصح المسح على العمامة ( إذا كانت مباحة ) بأن لا تكون محرمة كمغصوبة أو حرير لما تقدم في الخف ، وأن تكون ( محنكة ) وهي التي يدار منها تحت الحنك كور بفتح الكاف - أو كوران سواء كان لها ذؤابة أو لا ; لأنها عمامة العرب ويشق نزعها .

                                                                                                                      وهي أكثر سترا ( أو ) تكون ( ذات ذؤابة ) بضم المعجمة وبعدها همزة مفتوحة - وهي طرف العمامة المرخى ، وأصلها الناصية أو منبتها من الرأس وشعر في أعلى ناصية الفرس ; لأن إرخاء الذؤابة من السنة ، قال أحمد في رواية الأثرم وإبراهيم بن الحارث ينبغي أن يرخي خلفه من عمامته كما جاء عن ابن عمر أنه كان يعتم ويرخيها بين كتفيه .

                                                                                                                      وعن ابن عمر قال { عمم النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بعمامة سوداء وأرخاها من خلفه قدر أربع أصابع } ولأنها لا تشبه عمائم أهل الذمة ( كبيرة كانت العمامة أو صغيرة ) وأن تكون ( لذكر ) كبير أو صغير ( لا أنثى ) كبيرة أو صغيرة ; لأنها منهية عن التشبه بالرجال ، فلا تمسح أنثى على عمامة .

                                                                                                                      ( ولو لبستها لضرورة برد وغيره ) وكذا خنثى ويصح مسح الذكر على العمامة غير الصماء ( بشرط سترها لما لم تجر العادة بكشفه ) كمقدم الرأس والأذنين وجوانب الرأس ، فإنه يعفى عنه بخلاف خرق الخف ونحوه ، ; لأن هذا مما جرت العادة به ، ويشق التحرز منه ( ولا يجب أن يمسح معها ) أي : العمامة ( ما جرت العادة بكشفه ) ; لأن العمامة نابت عن الرأس ، فانتقل الفرض إليها وتعلق الحكم بها ، وفي نسخ بل يسن نص عليه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم { مسح [ ص: 120 ] بناصيته } في حديث المغيرة وهو صحيح قاله في الشرح وعلم مما سبق أنه لا يجوز المسح على العمامة الصماء ; لأنها لم تكن عمامة المسلمين ولا يشق نزعها أشبهت الطاقية .

                                                                                                                      وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم { أمر بالتلحي ونهى عن الاقتعاط } رواه أبو عبيد والاقتعاط أن لا يكون تحت الحنك منها شيء ، قال عبد الله : كان أبي يكره أن يعتم الرجل بالعمامة ولا يجعلها تحت حنكه .

                                                                                                                      وقد روي عنه أنه كرهه كراهة شديدة ، وقال إنما يعتم مثل هذا اليهود والنصارى ، قال الشيخ تقي الدين : والأقرب أنها كراهة لا ترتقي إلى التحريم ، ومثل هذا لا يمنع الترخص ، كسفر النزهة ، كذا قاله في الفروع .

                                                                                                                      وقال ولعل الظاهر من جواز المسح إباحة لبسها ، وهو متجه ; لأنه فعل أبناء المهاجرين والأنصار وتحمل كراهة السلف على الحاجة لذلك ، لجهاد أو غيره واختاره شيخنا ، أو على ترك الأولى وحمله صاحب المحرر لغير ذات ذؤابة .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية