الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقال أبو عثمان إسماعيل الصابوني الملقب بشيخ الإسلام في رسالته المشهورة عنه في السنة، وقد ذكر أبو القاسم التميمي في كتاب " الحجة في بيان المحجة " له، قال: "ويثبت أصحاب الحديث نزول الرب سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، من غير تشبيه له بنزول المخلوقين، ولا تمثيل، ولا تكييف، بل يثبتون له ما أثبته رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينتهون فيه إليه، ويمرون الخبر الصحيح الوارد بذكره على ظاهره، ويكلون علمه إلى الله تعالى، وكذلك يثبتون ما أنزل الله في كتابه من ذكر المجيء والإتيان في ظلل من الغمام والملائكة، وقوله عز وجل: وجاء ربك والملك صفا صفا [ سورة الفجر: 22].

وقال: "سمعت الحاكم أبا عبد الله الحافظ يقول: سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول: سمعت أحمد بن إبراهيم أبا عبد الله الرباطي يقول: حضرت مجلس الأمير عبد الله بن طاهر ذات يوم [ ص: 27 ] وحضره إسحاق بن إبراهيم - يعني ابن راهويه - فسئل عن حديث النزول، صحيح هو؟ قال: نعم، قال، فقال له بعض قواد عبد الله: يا أبا يعقوب، أتزعم أن الله ينزل كل ليلة؟ قال نعم، قال: كيف ينزل؟ فقال له إسحاق: أثبته فوق حتى أصف لك النزول، فقال الرجل: أثبته فوق، فقال إسحاق: قال الله عز وجل: وجاء ربك والملك صفا صفا [ سورة الفجر: 22] فقال له الأمير عبد الله: يا أبا يعقوب هذا يوم القيامة، فقال إسحاق: أعز الله الأمير ومن يجيء يوم القيامة من يمنعه اليوم؟.

وروى بإسناده عن إسحاق بن إبراهيم قال: قال لي الأمير عبد الله بن طاهر: يا أبا يعقوب، هذا الحديث الذي ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا" كيف ينزل؟ قال: قلت: أعز الله الأمير؟ لا يقال لأمر الرب كيف؟ إنما ينزل بلا كيف.

وبإسناده عن عبد الله بن المبارك: أنه سأله سائل عن النزول ليلة النصف من شعبان، فقال عبد الله: يا ضعيف، ليلة النصف، ينزل في كل ليلة، فقال الرجل: يا أبا عبد الرحمن، كيف ينزل؟ أليس يخلو ذلك المكان؟ فقال عبد الله بن المبارك: ينزل كيف شاء".

وقال أبو عثمان الصابوني: "فلما صح خبر النزول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقر به أهل السنة، وقبلوا الخبر، وأثبتوا النزول على ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يعتقدوا تشبها له بنزول خلقه، وعلموا وعرفوا وتحققوا واعتقدوا أن صفات الرب تبارك وتعالى [ ص: 28 ] لا تشبه صفات الخلق، كما أن ذاته لا تشبه ذوات الخلق، تعالى الله عما يقول المشبهة والمعطلة علوا كبيرا، ولعنهم لعنا كثيرا".

التالي السابق


الخدمات العلمية