الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قوله ( لا يجلس على الأرض فجلس على بساط أو حصير أو لا ينام على هذا الفراش فجعل فوقه فراشا آخر فنام عليه أو لا يجلس على سرير فجعل فوقه سريرا آخر لا يحنث ) بيان لثلاث مسائل الأولى حلف لا يجلس على الأرض فجلس على بساط أو حصير المقصود أنه جلس على حائل بينه وبين الأرض ليس بتابع للحالف فلا يحنث لأنه لا يسمى جالسا على الأرض بخلاف ما إذا كان الحائل ثيابه ; لأنه تبع له فلا يصير حائلا ، ولو خلع ثوبه فبسطه وجلس عليه لا يحنث لارتفاع التبعية الثانية حلف لا ينام على هذا الفراش فجعل فوقه فراشا آخر فنام عليه فإنه لا يحنث ; لأنه مثله ، والشيء لا يكون تبعا لمثله فتنقطع النسبة إلى الأسفل قيد بكون الفراش مشارا إليه ; لأنه لو نكره فحلف لا ينام على فراش حنث بوضع الفراش على الفراش ; لأنه نام على فراش نكرة الثالثة حلف لا يجلس على سرير فجعل فوقه سريرا آخر لا يحنث هكذا ذكر المصنف ، وهو مشكل ; لأن هذا الحكم إنما هو فيما إذا كان السرير المحلوف عليه معينا كما إذا حلف لا يجلس على هذا السرير فجعل فوقه سريرا آخر فجلس عليه ; لأنه غيره ، وأما إذا كان السرير المحلوف عليه نكرة يحنث بالجلوس على السرير الأعلى ; لأن اللفظ المنكر يتناوله كما في التبيين ، وقيد بالسرير ; لأنه لو حلف لا ينام على ألواح هذا السرير أو ألواح هذه السفينة ففرش على ذلك فراشا لم يحنث ; لأنه لم ينم على الألواح كذا في المحيط قوله ( ولو جعل على الفراش قرام أو على السرير بساط أو حصير حنث ) ; لأن القرام تبع للفراش ; لأنه ساتر رقيق يجعل فوقه كالتي في عرفنا الملاءة أي الملاءة المجعولة فوق الطراحة فصار كأنه نام على نفس الفراش ، وذكر الشمني أن القرام بكسر القاف ستر فيه رقم ونقش ، وفي الثانية يعد جالسا على السرير ; لأن الجلوس عليه في العادة هو الجلوس على ما يفرش عليه .

                                                                                        قال في فتح القدير ، وهكذا الحكم في هذا الدكان ، وهذا السطح إذا حلف لا يجلس على أحدهما فبسط عليه وجلس حنث ، ولو بنى دكانا فوق الدكان أو سطحا على السطح انقطعت النسبة عن الأسفل فلا يحنث بالجلوس على الأعلى ، ولذا كرهت الصلاة [ ص: 394 ] على سطح الكنيف والإصطبل ، ولو بنى على ذلك سطحا آخر وصلى عليه لا يكره ، وفي كافي الحاكم حلف لا يمشي على الأرض فمشى عليها بنعل أو خف حنث ، وإن كان على بساط لم يحنث ، وإن مشى على أحجار حنث ; لأنها من الأرض . ا هـ .

                                                                                        وفي الواقعات حلف لا ينام على هذا الفراش فأخرج منه الحشو ونام عليه لا يحنث ظاهرا ; لأنه لا ينطلق عليه اسم الفراش ، ولو رفع الظهارة ونام على الصوف والحشو ذكر بعد هذا أنه لا يحنث ; لأنه لا يسمى فراشا . ا هـ .

                                                                                        وفي المحيط قال لامرأته إن نمت على ثوبك فأنت طالق فاتكأ على وسادة لها أو وضع رأسه على مرفقة لها أو اضطجع على فراشها إن وضع جنبه أو أكثر بدنه على ثوب من ثيابها حنث ; لأنه يعد نائما ، وإن اتكأ على وسادة أو جلس عليها لم يحنث لأنه لا يعد نائما . ا هـ . والله أعلم .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية