الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        29284 - قال مالك : ومن باع طعاما جزافا ولم يستثن منه شيئا ثم بدا له أن يشتري منه شيئا فإنه لا يصلح له أن يشتري منه شيئا ، إلا ما كان يجوز له أن يستثني منه ، وذلك الثلث فما دونه ، فإن زاد على الثلث صار ذلك إلى المزابنة وإلى ما يكره ، فلا ينبغي له أن يشتري منه شيئا ، إلا ما كان يجوز له أن يستثني منه ، ولا يجوز له أن يستثني منه إلا الثلث فما دونه ، وهذا الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        29285 - قال أبو عمر : أما قوله وهذا الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا فإنه أراد أن الرجل إذا باع ثمر حائط له أن له أن يستثني منه ما بينه وبين ثلث التمر ، [ ص: 66 ] لا يجاوز ذلك على ما ذكره في باب ما يجوز في استثناء التمر .

                                                                                                                        29286 - وقال آخر : إنه الأمر المجتمع عليه عندهم .

                                                                                                                        29287 - والصبرة عنده ، والجزاف من الطعام كله كثمرة الحائط ، سواء في بيع ذلك قبل قبضه كالعروض .

                                                                                                                        29288 - وقد مضى القول للعلماء في ذلك من المذاهب في ذلك الباب من هذا الكتاب .

                                                                                                                        29289 - وأما قوله في هذه المسألة أنه إن زاد على الثلث صار إلى المزابنة ، فإنه يدل على أن بائع الطعام جزافا أراد أن يشتري منه طعاما بطعام مثله كيلا ، فرآه من الخطر ، والقمار ، والمزابنة ، لأنه لا يدري كم الباقي الذي وقعت عليه الصفقة الأولى .

                                                                                                                        29290 - وهذا ما كرهه جمهور العلماء على ما تقدم في باب الاستثناء ، وأجازه مالك في الثلث فما دون ، ولم يجزه فيما فوق ذلك ، وقد مضى القول فيه هنالك .

                                                                                                                        29291 - وقد سأل يحيى بن إبراهيم عيسى بن دينار عن تفسير هذه [ ص: 67 ] المسألة كلها ؟ فقال عيسى : معنى هذا عند مالك قبل أن يعيب عليه المبتاع ، ويكون ذلك معاوضة من الثمن ، فإذا بان ذلك لا يصلح ، لأنه بيع وسلف ، قلت : فإن كان قد غاب عليه ، فابتاعه منه كله معاوضة بنقد الثمن ، فيصلح ذلك أم لا ؟ قال : لا ، قال : قلت : ولم ؟ قال ، لأنه زيادة في السلف كأنه أسلفه ذلك الطعام الذي غاب عليه ثم رده إليه ، ويزيده الذي بقي عليه من الثمن إلى آخر الأجل .

                                                                                                                        29292 - قال أبو عمر : أما الشافعي ، والكوفي فلا يجوز عندهما لمن اشترى طعاما جزافا أن يبيعه حتى يقبضه بما يقبض له مثله ، وأقل ذلك أن ينقله من موضعه .

                                                                                                                        29293 - فإذا كان ذلك جاز عندهما لمن اشتراه وقبضه أن يبيع منه ما شاء على سنة البيوع إن كان بطعام يدا بيد على كل حال ، وإن كان من صنف واحد مثلا بمثل ، يدا بيد ، وإن كان بالذهب والفضة ، فكيف شاء المتبايعان على سنة البيوع وما عاب عليه المبتاع مع ما وصفنا ، وما لم يعب عليه من ذلك سواء .

                                                                                                                        29294 - وقد اختلف ابن القاسم ، وأشهب في بيع التمر في رءوس النخل بطعام حاضر من غير جنسه .

                                                                                                                        [ ص: 68 ] 29295 - فقال ابن القاسم : لا يجوز ذلك إلا أن يأخذه قبل أن يفترقا .

                                                                                                                        29296 - وقال سحنون : إن يبس التمر ، فلا بأس باشترائه بالطعام نقدا ، وإن تفرق قبل الجذ ، لأن العقد فيها قبض .

                                                                                                                        ألا ترى أنه ليس فيها جائحة إذا يبست .

                                                                                                                        قال : وكذلك قال لي أشهب .




                                                                                                                        الخدمات العلمية