الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2529 [ 1464 ] وعن يزيد بن الأصم قال: حدثتني ميمونة بنت الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال قال: وكانت خالتي وخالة ابن عباس.

                                                                                              رواه أحمد ( 6 \ 333 )، ومسلم (1411)، وأبو داود (1843)، والترمذي (845)، وابن ماجه (1964).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله: لا ينكح المحرم، ولا ينكح، ولا يخطب ) لا خلاف في منع [ ص: 105 ] المحرم من الوطء. والجمهور على منعه من العقد لنفسه، ولغيره، ومن الخطبة كما هو ظاهر هذا الحديث، وكما دل عليه قوله تعالى: فمن فرض فيهن الحج فلا رفث [البقرة: 197] على أحد التأويلات المتقدمة في كتاب الحج. وذهب بعضهم: إلى أنه يجوز للمحرم ذلك تمسكا بحديث ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم . وهذا لا حجة فيه لأوجه:

                                                                                              أحدها: إن هذا الحديث مما انفرد به ابن عباس دون غيره من كبراء الصحابة ومعظم الرواة.

                                                                                              وثانيها: إنكار ميمونة لهذا، وإخبارها بأنه صلى الله عليه وسلم تزوج بها وهو حلال، وهي أعلم بقصتها منه.

                                                                                              وثالثها: أن بعض أهل النقل والسير ذكر: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث مولاه أبا رافع من المدينة ، فعقد نكاحها بمكة بوكالة النبي صلى الله عليه وسلم له على ذلك، ثم وافى النبي صلى الله عليه وسلم محرما، فبنى بها بسرف حلالا، وأشهر تزويجها بمكة عند وصوله إليها.

                                                                                              [ ص: 106 ] ورابعها: أن قول ابن عباس : ( وهو محرم ) يحتمل أن يكون دخل في الحرم، فإنه يقال: أحرم؛ إذا دخل في الحرم، واسم الفاعل منه: محرم؛ كما يقال: أنجد، وأتهم. وهو منجد، ومتهم؛ إذا دخل ذلك.

                                                                                              وخامسها: تسليم ذلك كله، وادعاء الخصوصية بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد ظهرت تخصيصاته في باب النكاح بأمور كثيرة؛ كما خص بالموهوبة، وبنكاح تسع، وبالنكاح من غير ولي، ولا إذن الزوجة؛ كما فعل معزينب ، إلى غير ذلك.

                                                                                              وسادسها: أن هذه حكاية حال واقعة معينة، تحتمل أنواعا من الاحتمالات المتقدمة.

                                                                                              والحديث المقتضي للمنع ابتداء تقعيد قاعدة وتقريرها، فهو أولى على كل حال، والله الموفق.




                                                                                              الخدمات العلمية