الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        29411 - قال مالك : لا ينبغي أن يشتري أحد شيئا من الحيوان بعينه إذا كان غائبا عنه ، وإن كان قد رآه ورضيه ، على أن ينقد ثمنه ، لا قريبا ولا بعيدا .

                                                                                                                        29412 - قال مالك : وإنما كره ذلك ، لأن البائع ينتفع بالثمن ، ولا يدري هل توجد تلك السلعة على ما رآها المبتاع أم لا ؟ فلذلك ، كره ذلك ، ولا بأس به إذا كان مضمونا موصوفا .

                                                                                                                        [ ص: 101 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 101 ] 29413 - قال أبو عمر : أما بيع الحيوان الغائب ، وغير الغائب أيضا عن العلماء في ذلك ثلاثة أقوال :

                                                                                                                        29414 - ( أحدها ) : قول مالك : إن ذلك جائز ، فإن وجده على الصفة لزم فيه البيع والشراء ، ولا خيار للرؤية في ذلك ، إلا أن يشترط المشتري .

                                                                                                                        29415 - ( والثاني ) : أن بيع الغائب على الصفة ، وعلى غير الصفة جائز ، وللمبتاع خيار الرؤية ، فإذا رآه ورضيه تمت الصفقة ، وصح البيع .

                                                                                                                        29416 - وهذا قول الكوفيين ، والشافعي ، 29417 - ( والثالث ) : أنه لا يجوز بيع الغائب على الصفة ، ولا على غير الصفة ، ولا يجوز إلا بيع عين مرئية ، أو صفة مضمونة في الذمة وهو السلم .

                                                                                                                        29418 - هذا هو المشهور من قول الشافعي ، وسنذكر هذه المسألة في باب بيع الغرر إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                        29419 - وأما النقد المذكور في هذه المسألة ، فإنما كرهه مالك ، وقد ذكر الوجه الذي له كرهه ، لأن ما كرهه مالك لأنه زعم أنه يدخله بيع وسلف .

                                                                                                                        29420 - وقد اختلف أصحابه في جواز النقد في باب بيع الحيوان الغائب ، وغير الحيوان .

                                                                                                                        [ ص: 102 ] 29421 - وذكر ابن المواز ، عن ابن القاسم أنه قال : إن كانت الغيبة مثل البريد أو البريدين ، فلا بأس بالنقد فيه .

                                                                                                                        29422 - وقال أشهب : لا بأس بالنقد فيه اليوم ، واليومين كان حيوانا ، أو طعاما .

                                                                                                                        29423 - قال أشهب : لا بأس به .

                                                                                                                        29424 - وإن كان بعيدا لم يجز النقد فيه كان المبيع ضارا ، أو ما كان من شيء .

                                                                                                                        29425 - وروى ابن القاسم ، عن مالك أنه قال : لا بأس بالنقد في الدور ، والعقار كله ، لأنه مأمون .

                                                                                                                        29426 - وروى أشهب عن مالك مثل ذلك ، وخالفه ، فلم ير النقد في شيء منه .

                                                                                                                        29427 - وأجاز ابن القاسم النقد في المبيع على الصفة طعاما كان أو غيره إذا كان على اليوم واليومين .

                                                                                                                        29428 - قال أبو عمر : إنما كره مالك النقد في الحيوان الغائب ؛ لأن الحيوان يسرع إليه التغيير ما لا يسرع إلى غير الحيوان ، فكان عنده في معنى البيع والسلف إذا نقد فيه يدخله ذلك على مذهبه في الأغلب ، السرعة تغيره ، وليس العقار كذلك .

                                                                                                                        [ ص: 103 ] 29429 - وعلة أشهب في تسويته بين العقار وغيره ما جعله مالك علة في ذلك ، لأنه ربما لم يوجد على الصفة ، فيكون البائع قد انتفع بالثمن ، فأشبه البيع والسلف .

                                                                                                                        29430 - وأما قوله : ولا بأس به إذا كان مضمونا موصوفا ، فإنه أراد السلم المعروف على شروطه .




                                                                                                                        الخدمات العلمية