الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 487 ] ولو طولب بصداقها لموتها ، فطالبهم بإبراز جهازها لم يلزمهم على المقول ،

التالي السابق


( ولو ) تزوج مرأة بشرط تجهيزها بأكثر من مهرها وماتت قبله و ( طولب ) بضم الطاء المهملة وكسر اللام الزوج أي طالبه ورثة زوجته ( بصداقها ) أي بميراثهم منه ( لموتها ) وقد شرط تجهيزها بأكثر منه أو جرى العرف به ( فطالبهم ) أي الزوج الورثة ( بإبراز ) أي إحضار ( جهازها ) الزائد على الصداق المشترط أو المعتاد أو بإبراز قيمته ليأخذ ميراثه منه أو بإبراز ميراثه منه فقط وهو نصفه أو ربعه ( لم يلزمهم ) أي إبراز الجهاز المشروط أو المعروف الورثة قاله عبد الحميد الصائغ ، قائلا لأن الأب يقول هب أن الآباء يجهزون بناتهم بأكثر من الصداق في حياتهن رفعا لقدرهن وتكبيرا لشأنهن وحرصا على حظوتهن عند أزواجهن ، فعند موت البنت ينتفي ذلك كله ، واختاره تلميذه المازري ولذا قال ( على المقول ) مخالفا لخاله وشيخه اللخمي في لزوم إبرازهم جهازها المشروط أو المعروف ، وعلى الأول فيلزم الزوج صداق مثلها على تجهيزها بما قبض قبل البناء لا جميع الصداق الذي سماه ، إذ من حجته أن يقول إنما جعلت الصداق المسمى لما شرطته من الجهاز أو جرى به العرف ، ولم يحصل ذلك ، وله ميراثه من صداق مثلها ومن حازها به فقط .

المازري نزلت مسألة فاختلف فيها شيخاي وهي ماتت زوجة بكر قبل الدخول بها فلما طلب أبوها الصداق طلب زوجها ميراثه من الجهاز الذي تتجهز به ، فأفتى عبد الحميد بأن ذلك ليس على الأب ، وأفتى اللخمي بأن ذلك عليه ، وقال الأول هب أن الآباء يفعلون ذلك في حياة بناتهم رفعا لقدرهن وتكبيرا لشأنهن وحرصا على حظوتهن عند أزواجهن ، فإذا ماتت البنت فعلى من يجهز ، ولا تقاس عادة بعادة ، وقد تكلمت مع اللخمي لما خاطبني فيها وسألني عن وجهها فأجبته بما تقدم وجرى بيننا كلام طويل ا هـ . [ ص: 488 ]

وسئل ابن رشد عن موت الزوجة قبل البناء بها وطلب والدها أخذ ميراثها من صداقها نقده وكالئه ومن السياقات التي ساقها الزوج إليها وأبى أن يبرز من ماله القدر الذي كان يبرزه لها لو كانت حية ، فأجاب إذا أبى الأب أن يبرز لها من ماله ما يكون ميراثا عنها الذي يجهز به مثلها إلى مثله على ما نقدها وساق إليها فلا يلزم الزوج إلا صداق مثلها ، على أن لا يكون لها جهاز إلا بقيمة نقدها ا هـ .

وقال في أجوبته فيمن ساق لزوجته سياقه عند عقد النكاح وطلب من أبيها تشويرها بشورة تقاوم سياقته إذ العرف جار عندهم بذلك فأبى الأب ما نصه إذا أبى الأب أن يجهزها إليه بما جرى به العرف والعادة أن يجهز به مثلها إلى مثله على ما نقده وساقه إليها كان الزوج بالخيار بين التزام النكاح ورده عن نفسه ، فيسترد ما نقد ويسقط عنه ما أكلا وساق ا هـ " ع " . وفي فتاوى العبدوسي الذي جرى به العمل في أغنياء الحاضرة إجبار الأب أن يجهز بنته بمثلي نقدها فإذا نقدها الزوج عشرين جهزها الأب بأربعين ، فيزيد عشرين من عنده ، وهذا إذا فات بالدخول ، وأما إن طلبه الزوج قبله فلا يجبر الأب عليه ، ويقال إما أن ترضى أن يجهزها لك بنقدها خاصة ، وإما أن تطلقها ولا شيء عليك وبهذا القضاء والعمل ا هـ .




الخدمات العلمية