الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        29528 - قال مالك : ولا بأس أن يشترى الثوب من الكتان ، أو الشطوي ، أو القصبي ، بالأثواب ، من الإتريبي ، أو القسي ، أو الزيقة ، أو الثوب الهروي ، أو المروي بالملاحف اليمانية والشقائق ، وما أشبه ذلك . الواحد بالاثنين ، أو الثلاثة . يدا بيد أو إلى أجل . وإن كان من صنف واحد . فإن دخل ذلك نسيئة ، فلا خير فيه .

                                                                                                                        قال مالك : ولا يصلح حتى يختلف فيبين اختلافه . فإذا أشبه بعض ذلك بعضا ، وإن اختلفت أسماؤه ، فلا يأخذ منه اثنين بواحد إلى أجل ، وذلك أن يأخذ الثوبين من الهروي بالثوب من المروي ، أو القوهي إلى أجل ، أو يأخذ الثوبين من الفرقبي ، بالثوب من الشطوي . فإذا كانت هذه الأجناس على هذه الصفة . فلا يشترى منها اثنان بواحد إلى أجل .

                                                                                                                        قال مالك : ولا بأس أن تبيع ما اشتريت منها قبل أن تستوفيه . من غير صاحبه الذي اشتريته منه . إذا انتقدت ثمنه .

                                                                                                                        [ ص: 146 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 146 ] 29529 - قال أبو عمر : أما قوله : لا بأس أن تبيع ما اشتريت منها - يعني الثياب - قبل أن تستوفيه ، فقد مضى القول في ذلك في باب بيع الطعام ، وأن مالكا لا يرى غير الطعام في ذلك كالطعام ، وسيأتي ذلك المعنى بأبسط مما مضى في هذا الباب بعد هذا إن شاء الله عز وجل .

                                                                                                                        29530 - قال عبد الملك بن حبيب : الإتريبي ثياب تعمل بقرية من قرى مصر ، يقال لها : إتريب ، وأما القسي ، فثياب تعمل في القس ؛ ناحية من نواحي مصر ، وأما الزيقة ، فثياب تعمل بالصعيد غلاظ ردية . وأما الشقائق ، فالأزر الضيقة الردية .

                                                                                                                        29531 - قال أبو عمر : القول في هذا الباب أن العروض كلها من الثياب ، وغير الثياب ، لا بأس بالعرض المعجل من جنسه ومن غير جنسه إذا اختلفا فبان اختلافهما اثنان بواحد ، فكيف شئت ، ولا يضره اتفاق أجناسهما إذا اختلفت الأعراض فيهما ، واختلفت منافعها ، فإن اتفقت الأعراض والمنافع لم يجز ، فلا يجوز ثوب شطوي بثوبين من الشطوي إلى أجل ، ولا بأس بالثوب الشطوي نقدا بالثوبين من المروي إلى أجل ، وإن كان ذلك كله من الكتان .

                                                                                                                        [ ص: 147 ] 29532 - وتفسير ذلك أنه يجوز تسليم غليظ الكتان في رقيقه ، ورقيقه في غليظه اثنين في واحد ، وواحد في اثنين ، وكذلك ثياب القطن ، والصوف ، رقيقها في غليظها ، وغليظها في رقيقها ، ولا ينظر إلى اتفاق أسمائها ولا إلى أصلها إذا اختلفت منافعها وأغراض الناس فيها ، وكذلك العبد الصانع العامل ، أو الكاتب ، أو الفصيح يسلم في الأعبد الذين ليسوا مثله ، وإن كانوا أصلهم كلهم العجم ، لأن الغرض مختلف .

                                                                                                                        29533 - هذا معنى قول مالك ومذهبه . وقد أوضحنا مذهب مالك في الكتاب الكافي ، وأتينا فيه بالبيان الشافي ، والحمد لله .

                                                                                                                        2953 - وقال الزهري : لا يصلح ثوب بثوبين دينا إلا أن يختلفا .

                                                                                                                        29535 - وقال سليمان بن يسار : لا يصلح ثوب بثوبين دينا إلا يدا بيد .

                                                                                                                        29536 - وقال يحيى بن سعيد الأنصاري : لا يجوز النسأ في الشيء يباع في صنفه إلا أن تختلف الصفة ، والتسمية .

                                                                                                                        29537 - وقال ربيعة : الذي يحرم من ذلك : الثوب بالثوبين إلى أجل من ضرب واحد ، كالسائرية بالسائريتين ، والقبطية بالقبطيتين ، والريطة بالريطتين من نسج الولائد .

                                                                                                                        [ ص: 148 ] 2953 - وأما الليث بن سعد ، فقال : نسيج مصر كلها كله صنف واحد ، ولا يجوز فيه النسأ بعضه ببعض .

                                                                                                                        29539 - قال : ويجوز نسيج مصر كله بنسيج العراق نسيئة .

                                                                                                                        29540 - وأما أبو حنيفة ، فمذهبه في هذا الباب قريب من مذهب مالك .

                                                                                                                        29541 - ولم يختلف هو وأصحابه في أنه يجوز بيع الثياب بعضها ببعض نسيئة إذا اختلف الجنس فيها نحو الهروي بالقوهي ، وما كان مثلها به ، ونحوه عن الثوري .

                                                                                                                        29542 - وذكر عبد الرزاق ، عن الثوري عن مغيرة ، عن إبراهيم ، وعن معمر ، عن إبراهيم ، وعن حماد ، عن إبراهيم : أنه كان لا يرى بأسا بالثوب بالثوبين نسيئة إذا اختلفت ، ويكرهه من شيء واحد .

                                                                                                                        29543 - وعن معمر ، عمن سمع الحسن يقول مثل ذلك في كل العروض .

                                                                                                                        29544 - وقال الحسن بن حي : أكره النسأ في الثياب إذا كان أصلها واحدا .

                                                                                                                        29545 - قال وإن كان أحدهما قطنا ، والآخر كتانا ، أو صوفا ، فلا بأس بالنسيئة فيهما .

                                                                                                                        29546 - وقال الشافعي : كل ما خرج من المأكول والمشروب ، والذهب ، [ ص: 149 ] والفضة ، فجائر فيه النسيئة ، والتفاضل كيف شاء المتبايعان ، ولا ربا في شيء منه .

                                                                                                                        29547 - وهو قول سعيد بن المسيب .

                                                                                                                        29548 - وبه قال الأوزاعي .

                                                                                                                        29549 - قال سعيد بن المسيب : لا بأس بقبضة بقبضتين إلى أجل ، وكذلك سائر الثياب .

                                                                                                                        29550 - قال أبو الزناد : وخالفه الفقهاء كلهم في هذا .

                                                                                                                        29551 - وقال الأوزاعي : يجوز أن يعطى عشرة أثواب .

                                                                                                                        29552 - وقال أحمد بن حنبل : كل ما لا يكال ، ولا يوزن ، فجائز التفاضل فيه ، ولا يجوز نسيئة .

                                                                                                                        29553 - وعن معمر ، والثوري ، فجائز التفاضل .

                                                                                                                        29554 - وعن إسماعيل بن أمية ، عن ابن المسيب في قبطية بقبطيتين نسيئة كان لا يرى بذلك بأسا .

                                                                                                                        29555 - وزاد معمر في حديثه : إنما الربا فيما يكال ، أو يوزن مما يؤكل أو يشرب .

                                                                                                                        29556 - قال : حدثني عبد الله بن محمد ، قال : حدثني عبد الله بن محمد [ ص: 150 ] بن علي ، قال : حدثني أبو عمر بن أبي زيد ، قال : حدثني ابن وضاح قال : حدثني زيد بن البشير قال : حدثني ابن وهب ، عن الليث بن سعد ، عن يحيى بن سعيد ، قال : كان الناس يخالفون سعيد بن المسيب ، فذكر أشياء منها ، قوله : لا بأس بقبطية بقبطيتين إلى أجل من صنف واحد .

                                                                                                                        29557 - حدثني خلف بن قاسم ، قال : حدثني الحسن بن رشيق ، قال : حدثني علي بن سعيد قال : حدثني أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، قال : حدثني يونس بن بكير ، قال : حدثني محمد بن إسحاق ، قال : حدثني مكحول ، قال : طفت الأرض كلها أطلب العلم ، فما لقيت رجلا أعلم من سعيد بن المسيب .




                                                                                                                        الخدمات العلمية