الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : فإن ادعت قذفا متقادما ، وأقامت عليه شهودا جاز ; لأن موجب القذف لا يبطل بالتقادم كالحد في قذف الأجانب ، فإن أقام الزوج البينة أنه طلقها بعد ذلك طلاقا رجعيا فلا لعان بينهما ، ولا حد ; لأن ما يثبته الزوج بالبينة كالمعاين . والفرقة بعد القذف مسقطة للعان فيتمكن الزوج من إثباته بالبينة ، كما لو أقام البينة على فرقة بردتها بعد القذف أو بسبب آخر ، وإذا أقامت المرأة البينة على إقرار الزوج بالولد ، وهو ينكر ، وقد نفاه لزمه الولد ، ولا يستطيع أن ينفيه بعد إقراره ، هكذا نقل عن عمر وعلي والشعبي رضي الله عنهم قالوا : إذا أقر الرجل بولده فليس له أن ينفيه ، وما لم يقر به فله أن ينفيه ، وإذا نفاه قبل الإقرار لاعنها ; لأنه بعدما أثبت ولادتها يكون هو بنفي الولد قاذفا لها بالزنا فإن قيل : لا كذلك فقد يكون ، ولدها من وطء بشبهة قلنا الولد من وطء بشبهة يكون ثابت النسب من إنسان ، والذي لا يكون ثابت النسب من أحد لا يكون من زنا ، ولا نسب لهذا الولد منه فإذا نفاه فقد زعم أنه لا نسب لولدها هذا فيكون قاذفا لها بالزنا ، ثم كيفية اللعان بنفي الولد على ما روي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أن يقول الزوج : أشهد أني لمن الصادقين فيما رميتها به من نفي ولدها ، وهي تقول أشهد أنه لمن الكاذبين فيما [ ص: 59 ] رماني به من نفي ولدي ، وروى هشام عن محمد - رحمهما الله تعالى - قال : يقول الزوج : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا ونفي ولدها وتقول المرأة : أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا ونفي ولدي ، وليس هذا باختلاف في الحقيقة وإنما اختلف الجواب لاختلاف الأحوال ، فجواب محمد رحمه الله تعالى فيما إذا قذفها بالزنا ، ونفي ولدها وجواب أبي يوسف رحمه الله تعالى فيما إذا نفى ، ولدها فقط .

( قال ) : وإذا فرق القاضي بينهما بعد اللعان يلزم الولد أمه ، وروى بشر عن أبي يوسف - رحمهما الله تعالى - أنه لا بد أن يقول القاضي : فرقت بينكما ، وقطعت نسب هذا الولد منه حتى ، ولو لم يقل ذلك لا ينتفي النسب عنه ، وهذا صحيح ; لأنه ليس من ضرورة التفريق باللعان نفي النسب كما بعد موت الولد يفرق القاضي بينهما باللعان ، ولا ينتفي نسبه عنه فلا بد من أن يصرح القاضي بنفي النسب لهذا ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .

( قال ) رضي الله تعالى عنه هذا آخر شرح كتاب الطلاق بالمؤثرة من المعاني الدقاق ، أملاه المحصور عن الانطلاق ، المبتلى بوحشة الفراق ، مصليا على صاحب البراق وآله ، وصحبه أهل الخير والسباق ، صلاة تتضاعف وتدوم إلى يوم التلاق كتبه العبد البري من النفاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية