الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
127 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، فيقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة ) . متفق عليه .

التالي السابق


127 - ( وعن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده ) ، أي : أظهر له مكانه الخاص من الجنة أو النار ، وهو لا ينافي عرض مقعد آخر فرضيا كما تقدم ( بالغداة والعشي ) ، أي : طرفي النهار ، أو المراد بهما الدوام ( إن كان ) ، أي : الميت ( من أهل الجنة فمن أهل الجنة ) ، أي : فالمعروض عليه من مقاعد أهل الجنة أو فمقعده من مقاعد أهل الجنة يعرض عليه ( وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ) قال الطيبي : يجوز أن يكون المعنى : فمن كان من أهل الجنة فيبشر بما لا يكتنه كنهه ، ويفوز بما لا يقدر قدره ، وإن كان من أهل النار فبالعكس ؟ لأن الشرط والجزاء إذا اتحدا دل الجزاء على الفخامة كقوله : من أدرك الضمان فقد أدرك ( فيقال ) ، أي : لكل منهما ( هذا ) ، أي : المقعد المعروض عليك ( مقعدك ) الذي أنت مستقر في نعيم عرضه أو جحيمه ومستمر ( حتى يبعثك الله إليه ) .

قال السيد جمال الدين : الضمير في إليه إما أن يرجع إلى المقعد ، فالمعنى هذا مقعدك تستقر فيه حتى تبعث إلى مثله في الجنة أو النار كقوله تعالى : قالوا هذا الذي رزقنا من قبل أي : مثل الذي ، ويجوز أن يكون الضمير [ ص: 207 ] راجعا إلى الله تعالى ; أي : إلى لقائه ، ويجوز أن يكون الضمير راجعا إلى المقعد المعروض ، أو إلى المقعد الذي هو القبر و ( إلى ) بمعنى من ، أي : المعروض عليك مقعدك بعد ، ولا تدخله الآن حتى يبعثك الله إليه ، أو القبر مقعدك حتى يبعثك الله منه إلى مقعدك الآخر المعروض عليك اهـ .

وقال الطيبي : الضمير يرجع إلى يوم الحشر . ، أي : هذا الآن مقعدك إلى يوم الحشر فترى عند ذلك كرامة أو هوانا تنسى عنده هذا المقعد . ( يوم القيامة ) : بالنصب على الظرفية . قال التوربشتي : وهذا لفظ " المصابيح " وقد روي في الأحاديث الصحاح : حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة . ، أي : هذا مستقرك إلى يوم القيامة ، ويجوز أن يكون التقدير حتى يبعثك الله إلى محشر يوم القيامة اهـ .

وفي " الأزهار : المراد بالقيامة هنا النفخة الأولى لا الأخرى ، لأن ما بين النفختين لا يعذب أحد من الكفار والمسلمين . قلت : لا حاجة إلى هذا التأويل ، فإن قوله : ( هذا مقعدك ) مطلق متناول للعذاب وغيره مع أن النفخة الأولى حالة إماتة المخلوقات وغشيان للأموات ، وما ثم هناك بعث فتأمل ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية