الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإذا لم يقع المعجل زكاة استرد إن كان شرط الاسترداد إن عرض مانع ) كما إذا عجل أجرة دار ثم انهدمت في المدة أما قبل المانع فلا يسترد مطلقا كمتبرع بتعجيل دين مؤجل وأما لو شرطه من غير مانع فلا يسترد [ ص: 360 ] بل نظر شارح في صحة القبض مع هذا الشرط ( والأصح أنه لو قال هذه زكاتي المعجلة فقط ) أي ولم يزد على ذلك ( استرد ) ؛ لأنه عين الجهة فإذا بطلت رجع كالأجرة فيما ذكر وكون الغالب عدم الاسترداد لا يؤثر إلا لو لم يصرح بأنه زكاة معجلة أما معه فكأنه أناط هذا التبرع بالتعجيل بوصف كونه زكاة فإذا انتفى الوصف انتفى التبرع وبهذا فارق قوله هذه عن مالي الغائب فبان تالفا يقع صدقة ؛ لأنه لم يذكر مشعرا باسترداد ، وعلم القابض بالتعجيل كاف في الرجوع وإن لم يذكر كما أفاده قوله ( و ) الأصح ( أنه إن لم يتعرض للتعجيل ولم يعلمه القابض لم يسترد ) الدافع لتفريطه بعدم الإعلام عند الأخذ ولا فرق فيما ذكر بين الإمام والمالك ولا أثر للعلم بالتعجيل بعد القبض على أحد احتمالين الأوجه خلافه إن كان قبل تصرفه فيه ( تنبيه )

                                                                                                                              هل يجري هذا التفصيل في غير الزكاة مما هو نظيرها بأن كان له سببان فعجل عن أحدهما كأن ذبح متمتع عقب فراغ عمرته ثم دفعه للمستحقين فبان أنه ممن لا يلزمه دم فيقال إن شرط أو قال دمي المعجل أو علم القابض بالتعجيل رجع وإلا فلا أو يختص هذا بالزكاة ويفرق بأنها في أصلها مواساة فرفق بمخرجها معجلا لها بتوسيع طرق الرجوع له بخلاف نحو الدم والكفارة فإنه في أصله بدل جناية فضيق عليه بعدم رجوعه في تعجيله مطلقا كل محتمل وفرضهم ذلك في الزكاة ولم يتعرضوا لغيرها يميل للثاني والمدرك يميل للأول فتأمله

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن إن كان شرط الاسترداد ) هل يتصور شرط الاسترداد بلا تصريح بالتعجيل بأن يقول هذه زكاتي فإن عرض مانع استرددتها فإن اعتد بذلك كان قول المحلي في تفسير مثبت الاسترداد وهو ذكر التعجيل شاملا لشرط الاسترداد باعتبار الغالب فيه من تضمنه ذكر التعجيل وقد يقال قوله إن عرض مانع لا يتصور إلا مع التعجيل ( قوله وأما لو شرطه من غير مانع فلا يسترد ) لا يقال هذا الشرط يوجب علم القابض بالتعجيل وسيأتي أنه كاف في الاسترداد فينبغي ثبوت الاسترداد لوجوب علم القابض والشرط المذكور إن لم يقوه في ذلك ما نافاه [ ص: 360 ] ؛ لأنا نقول علم القابض إنما يكفي في الاسترداد عند عروض المانع والكلام هنا على تقدير عدم المانع فلو وجد هذا الشرط ثم عرض مانع فلا يبعد جواز الاسترداد لوجود علم القابض بالتعجيل إذ قد يشترط الاسترداد ولا يذكر أنها معجلة ( قوله بل نظر شارح في صحة القبض إلخ ) اعتمد م ر الصحة ( قوله في المتن والأصح إلخ ) نعم لو قال هذه زكاتي المعجلة فإن لم تقع زكاة فهي نافلة لم تسترد كما صرح به الرافعي شرح م ر ( قوله وعلم القابض بالتعجيل إلخ ) أي علما مقارنا لقبض المعجل أو حادثا بعده كما رجحه السبكي شرح م ر ( قوله الأوجه خلافه إن كان قبل تصرفه فيه ) ينبغي وقبل تمام الحول إذ بتمامه استقر الأمر فلا أثر للعلم بعد ذلك وإلا لزم جواز الاسترداد مطلقا إذ من لازم الاسترداد حصول هذا العلم



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( وإذا لم يقع المعجل زكاة ) أي لعروض مانع وجبت ثانيا كما مر نعم لو عجل شاة من أربعين فتلفت في يد القابض لم يجب التجديد أي على المالك ؛ لأن الواجب القيمة ولا يكمل بها نصاب السائمة مغني ونهاية قال الرشيدي أي والصورة أنه عرض مانع من وقوعها زكاة ا هـ قول المتن ( استرد ) أي المالك نهاية ومغني قال ع ش ولا شيء عليه للقابض في مقابلة النفقة ؛ لأنه أنفق على نية أنه لا يرجع قياسا على الغاصب إذا جهل كونه مغصوبا وعلى المشتري شراء فاسدا ا هـ وفي الإيعاب ما يخالفه عبارته قال الزركشي وإذا رجع هل عليه غرامة النفقة الظاهر نعم وفي كلام المجموع ما يؤيده ولا يقال إن القابض متبرع ؛ لأنه لم ينفق إلا بظن ملكه ومن ثم يظهر أنه لو أنفق بعد علمه عود ملك الدافع لا يرجع ؛ لأنه حينئذ متبرع .

                                                                                                                              ثم رأيت بعضهم نظر فيما ذكره الزركشي ويتعين حمله على ما ذكرته ا هـ قول المتن ( إن كان شرط الاسترداد إلخ ) هل يتصور شرط الاسترداد بلا تصريح بالتعجيل بأن يقول هذه زكاتي فإن عرض مانع استرددتها فإن اعتد بذلك كان قول المحلي أي وغيره في تفسير مثبت الاسترداد وهو ذكر التعجيل شاملا لشرط الاسترداد باعتبار الغالب فيه من تضمنه ذكر التعجيل وقد يقال قوله إن عرض مانع لا يتصور إلا مع التعجيل سم أي فيغني عنه قوله كما إذا عجل أجرة إلخ عبارة النهاية والمغني عملا بالشرط ؛ لأنه دفعه عما يستحقه القابض في المستقبل فإذا عرض مانع الاستحقاق استرد كما إذا عجل إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أما قبل المانع إلخ ) انظر ما عديله وكتب عليه البصري ما نصه يقتضي أن قول المصنف إن عرض مانع قيد لقوله استرد وقول الشارح وأما لو شرطه إلخ يقتضي أنه قيد لقوله إن كان إلخ وقد يقال هو قيد فيهما والله أعلم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله مطلقا ) شرط الاسترداد أو لا ( قوله وأما لو شرط من غير مانع إلخ ) لا يقال هذا الشرط يوجب علم القابض بالتعجيل وسيأتي أنه كاف في الاسترداد ؛ لأنا نقول علم القابض إنما يكفي في الاسترداد عند عروض المانع والكلام هنا على تقدير عدم المانع فلو وجد هذا الشرط ثم عرض مانع فلا يبعد جواز الاسترداد لوجود علم القابض بالتعجيل إذ قد يشترط الاسترداد ولا يذكر أنها معجلة سم ولك أن تمنع إيجاب [ ص: 360 ] الشرط المذكور لعلم القابض بالتعجيل .

                                                                                                                              ( قوله بل نظر شارح إلخ ) وهو الإسنوي لكن الظاهر الصحة مغني زاد النهاية إن كان عالما بفساد الشرط ا هـ فالقبض فاسد ع ش وأطلق الشارح في الإيعاب عدم الصحة قول المتن ( والأصح أنه لو قال إلخ ) أي عند دفعه ذلك ومحل الخلاف في دفع المالك بنفسه فإن فرق الإمام استرد قطعا إذا ذكر التعجيل ولا حاجة إلى شرط الرجوع مغني ونهاية قول المتن ( استرد ) أي سواء أعلم حكم التعجيل أم لا نعم لو قال هذه زكاتي المعجلة فإن لم تقع زكاة فهي نافلة لم يسترد كما صرح به الرافعي نهاية وأسنى ( قوله وكون الغالب إلخ ) رد لدليل المقابل .

                                                                                                                              ( قوله بالتعجيل ) متعلق بالتبرع و ( قوله بوصف إلخ ) متعلق بقوله أناط إلخ ( قوله ؛ لأنه لم يذكر مشعرا إلخ ) قد يقال وصفه بالغائب مشعر باشتراط البقاء ( قوله وعلم القابض بالتعجيل إلخ ) أي علما مقارنا لقبض المعجل أو حادثا بعده كما رجحه السبكي نهاية ومغني ويأتي في الشرح مثله بزيادة قيد ( قوله وإن لم يذكر ) أي التعجيل ( قوله كما أفاده ) أي كفاية العلم . قول المتن ( إن لم يتعرض للتعجيل ) أي بأن اقتصر على ذكر الزكاة أو سكت ولم يذكر شيئا نهاية ومغني ( قوله لم يسترد الدافع ) أي وإن ادعى أنه أعطى قاصدا له وصدقه الآخذ أسنى وإيعاب أي ويكون تطوعا نهاية ومغني ( قوله لتفريطه ) إلى قوله إن كان في النهاية والمغني ( قوله إن كان إلخ ) نظر فيه الإيعاب كردي على بافضل ( قوله قبل تصرفه فيه ) ينبغي وقبل تمام الحول إذ بتمامه استقر الأمر فلا أثر للعلم بعد ذلك وإلا لزم جواز الاسترداد مطلقا إذ من لازم الاسترداد حصول هذا العلم سم ( قوله فبان أنه ممن لا يلزمه دم ) أي كأن عاد إلى الميقات وأحرم بالحج منه وأن لا يحج في هذا العام ( قوله إن شرط ) أي الاسترداد إن عرض مانع ( قوله أو يخص هذا ) أي التفصيل




                                                                                                                              الخدمات العلمية