الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمته عن ابنة زيد بن ثابت أنه بلغها أن نساء كن يدعون بالمصابيح من جوف الليل ينظرن إلى الطهر فكانت تعيب ذلك عليهن وتقول ما كان النساء يصنعن هذا وسئل مالك عن الحائض تطهر فلا تجد ماء هل تتيمم قال نعم لتتيمم فإن مثلها مثل الجنب إذا لم يجد ماء تيمم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          131 129 - ( مالك عن عبد الله بن أبي بكر ) بن محمد بن عمرو بن حزم ( عن عمته ) قال ابن الحذاء : هي عمرة بنت حزم عمة جد عبد الله بن أبي بكر وقيل لها عمته مجازا ، وتعقبه الحافظ بأن عمرة صحابية قديمة روى عنها جابر الصحابي ففي روايتها عن بنت [ ص: 233 ] زيد بن ثابت بعد ، فإن كانت ثابتة أي لوقوع رواية الأكابر عن الأصاغر فرواية عبد الله عنها منقطعة لأنه لم يدركها ، ويحتمل أن المراد عمته الحقيقية وهي أم عمرو أو أم كلثوم ، انتهى .

                                                                                                          والأصل الحمل على الحقيقة وعلى الحذاء المدعي العمة المجازية بيان الرواية التي فيها دعواه خصوصا مع ما لزم على قوله من انقطاع السند والأصل خلافه ( عن ابنة زيد بن ثابت ) قال الحافظ : ذكروا لزيد بن ثابت من البنات حسنة وعمرة وأم كلثوم وغيرهن ولم أر لواحدة منهن رواية إلا لأم كلثوم وكانت زوج سالم بن عبد الله بن عمر فكأنها هي المبهمة هنا ، وزعم بعض الشراح أنها أم سعد قال : لأن ابن عبد البر ذكرها في الصحابة وليس في ذكره لها دليل على المدعي لأنه لم يقل إنها صاحبة هذه القصة ، بل لم يأت لها ذكر عنده ولا عند غيره إلا من طريق عنبسة بن عبد الرحمن وقد كذبوه ، وكان مع ذلك يضطرب فيها فتارة يقول بنت زيد بن ثابت وتارة يقول امرأة زيد ، ولم يذكر أحد من أهل المعرفة بالنسب في أولاد زيد من يقال لها أم سعد انتهى .

                                                                                                          فالعجب من جزم السيوطي بأنها أم سعد ( أنه بلغها أن نساءكن يدعون ) أي يطلبن ( بالمصابيح ) السرج ( من جوف الليل ينظرن إلى ) ما يدل على ( الطهر فكانت ) ابنة زيد ( تعيب ذلك عليهن وتقول ما كان النساء ) أي نساء الصحابة فاللام للعهد كما في الفتح ( يصنعن هذا ) وإنما عابت عليهن لتكلفهن ما لا يلزم ، وإنما يلزم النظر إلى الطهر إذا أردن النوم أو إذا قمن لصلاة الصبح ، قاله مالك في المبسوط ذكره الباجي ، وقال ابن بطال وغيره : لأن ذلك يقتضي الحرج والتنطع وهو مذموم ، وقال ابن عبد البر : لكون ذلك كان وقت الصلاة وهو جوف الليل ، قال الحافظ : وفيه نظر لأنه وقت العشاء ويحتمل أن العيب لكون الليل لا يتبين الخالص من غيره فيحسبن أنهن طهرن وليس كذلك فيصلين قبل الطهر

                                                                                                          ( وسئل مالك عن الحائض تطهر فلا تجد ماء هل تتيمم ؟ قال نعم لتتيمم فإن مثلها ) مثل ( الجنب إذا لم يجد ماء تيمم ) من باب قياس لا فارق .




                                                                                                          الخدمات العلمية