الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 140 ] فرع

                                                                                                                                                                        لا يجوز نبش القبر إلا في مواضع .

                                                                                                                                                                        منها : أن يبلى الميت ويصير ترابا ، فيجوز نبشه ودفن غيره ، ويرجع في ذلك إلى أهل الخبرة ، وتختلف باختلاف البلاد والأرض ، وإذا بلي الميت ، لم يجز عمارة قبره وتسوية التراب عليه في المقابر المسبلة ، لئلا يتصور بصورة القبر الجديد فيمتنع الناس من الدفن فيه .

                                                                                                                                                                        ومنها : أن يدفن إلى غير القبلة ، وقد سبق .

                                                                                                                                                                        ومنها : أن يدفن من يجب غسله بلا غسل . فالمذهب : أنه يجب النبش ليغسل ، وحكي قول : أنه لا يجب ، بل يكره لما فيه من الهتك ، فعلى المذهب وجهان ، الصحيح المقطوع به في ( النهاية ) و ( التهذيب ) : ينبش ما لم يتغير الميت . والثاني : ينبش ما دام فيه جزء من عظم وغيره .

                                                                                                                                                                        ومنها : إذا دفن في أرض مغصوبة ، يستحب لصاحبها تركه ، فإن أبى ، فله إخراجه وإن تغير وكان فيه هتك .

                                                                                                                                                                        ومنها : لو كفن بثوب مغصوب أو مسروق ، ففيه أوجه ، أصحها : ينبش لرد الثوب ، كما ينبش لرد الأرض . والثاني : لا يجوز نبشه ، وينتقل صاحب الثوب إلى القيمة ، لأنه كالتالف . والثالث : إن تغير الميت وكان في النبش هتك ، لم ينبش ، وإلا نبش . ولو دفن في ثوب حرير ، ففي نبشه هذا الخلاف .

                                                                                                                                                                        قلت : وفي هذا نظر ، وينبغي أن يقطع بأنه لا ينبش . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        ومنها : لو دفن بلا كفن ، هل ينبش ليكفن ، أم يترك حفظا لحرمته ، واكتفاء بستر القبر ؟ وجهان . أصحهما : يترك .

                                                                                                                                                                        ومنها : لو وقع في القبر خاتم ، أو غيره ، نبش ورد . ولو ابتلع في [ ص: 141 ] حياته مالا ، ثم مات ، وطلب صاحبه الرد ، شق جوفه ويرد . قال في ( العدة ) : إلا أن يضمن الورثة مثله أو قيمته ، فلا ينبش على الأصح . وقال القاضي أبو الطيب : لا ينبش بكل حال ، ويجب الغرم في تركته . ولو ابتلع مال نفسه ومات ، فهل يخرج ؟ وجهان . قال الجرجاني : الأصح يخرج .

                                                                                                                                                                        قلت : وصححه أيضا العبدري ، وصحح الشيخ أبو حامد ، والقاضي أبو الطيب في كتابه ( المجرد ) عدم الإخراج ، وقطع به المحاملي في ( المقنع ) وهو مفهوم كلام صاحب ( التنبيه ) وهو الأصح . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        وحيث قلنا : يشق جوفه ويخرج ، فلو دفن قبل الشق ، نبش كذلك .

                                                                                                                                                                        قلت : قال الماوردي في ( الأحكام السلطانية ) : إذا لحق الأرض المدفون فيها سيل أو نداوة ، فقد جوز الزبيري نقله منها ، وأباه غيره ، وقول الزبيري أصح . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية