الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وإن أشهد به في سفر ثم قدم ووطئ وأنكر الشهادة فرق ولا حد )

                                                                                                                            ش : قال في أواخر كتاب الأيمان بالطلاق من المدونة : ومن طلق زوجته في سفر ثلاثا ببينة ثم قدم قبل البينة فوطئها ثم أتت البينة فشهدوا بذلك وهو منكر للطلاق ومقر بالوطء فليفرق بينهما ولا شيء عليه ، قال يحيى بن سعيد : ولا يضرب ، انتهى .

                                                                                                                            قال أبو الحسن : أي لا حد عليه ، قال الأبهري : وإنما ذلك لأن الزوجية بينهما حتى يحكم بالطلاق ، وقال ابن المواز : إنما لم يجب عليه لأن العدة من يوم الحكم ، وقال المازري : إنما لم يجب عليه الحد ; لأنه كالمقر بالزنا ثم رجع ، وقال غيره : لأنه يجوز عليه أن يكون نسي وقوله فليفرق بينهما ، عياض ظاهره أنها تعتد من يوم الحكم يدل عليه قوله ولا حد عليه ، الشيخ .

                                                                                                                            وفي طلاق السنة من العتبية فيمن شهدت عليه البينة أنه طلق زوجته منذ سنة فحاضت فيها ثلاث حيض ، قالوا : عدتها من الطلاق فقالوا : يناقض قوله هنا والفرق بينهما أن ما في العتبية مقر بالطلاق وهاهنا منكر للطلاق ، قال سحنون : ولو شهد أربعة أنه طلقها وأقر الزوج بالوطء بعد وقت الطلاق وجحد الطلاق حددته ولو قالوا نشهد أنه طلقها ثم وطئها حددته وروى علي عن مالك فيمن شهد عليه أربعة عدول أنه طلق امرأته ألبتة وأنهم رأوه يطؤها بعد ذلك وهو مقر بالمسيس أنه يفرق بينهما ولا حد عليه ، قال سحنون : وأصحابنا يأبون هذه الرواية ويرون عليه الحد ابن يونس وقول سحنون في إيجاب الحد خلاف للمدونة في الذي شهدت عليه البينة في سفره وقد اختلف ابن القاسم وأشهب في الأمة يعتقها في سفره وتشهد البينة على ذلك ثم يقدم فيطؤها ويستغلها فاختلفا في الغلة واتفقا أن لا حد عليه وأن لا فرق بين هذه وبين الحرة ، انتهى . ولما ذكر في التوضيح المسألة التي قبل هذه أعني قوله ولو شهد بعد موته بطلاق إلخ وذكر عن الباجي بأنه علله بأن الطلاق إنما يقع يوم الحكم ولو لم يقع يوم الحكم لكان فيه الحد إذا أقر بالوطء وأنكر الطلاق ، قال في التوضيح : وهذا الذي علل به الباجي في المدونة نحوه لأن فيها فيمن طلق امرأته في السفر وأشهد على ذلك ثم قدم فأصاب امرأته إلى آخر مسألة المدونة وذكر أكثر الكلام المتقدم عن الشيخ أبي الحسن ، وقال المتيطي بعد أن ذكر كلام الباجي : وهذا الذي علل به الباجي في المدونة خلافه وذكر مسألة المدونة هذه فقول المتيطي إن الذي في المدونة خلاف تعليل الباجي يناقض قول الشيخ في التوضيح وهذا الذي علل به الباجي في المدونة نحوه ، ويمكن أن يقال : لا مخالفة في ذلك ومراد الشيخ بقوله في المدونة نحوه يعني قوله إن الطلاق إنما يقع يوم الحكم ، وكلام المتيطي باعتبار قوله لم يقع يوم الحكم لكان فيه الحد إذا أقر بالوطء وأنكر الطلاق ; لأنه قد صرح في المدونة بأنه إذا أنكر الطلاق وأقر بالوطء أنه لا حد عليه ولكن قد يقال إنما قال ذلك في المدونة ; لأنه يرى أن الطلاق إنما يقع يوم الحكم فتأمله ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية